والحوار الذي جرى بينهما كان كالتالي:
صاحت أم المؤمنين، ردوني، ردوني. فانصرفت إلى مكة وهي تقول: قتل والله عثمان مظلوما، والله لأطلبن بدمه! فقال لها ابن أم كلاب: ولم؟ فوالله إن أول من أمال حرفه لأنت، فلقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلا فقد كفر، قالت:
إنهم استتابوه ثم قتلوه، وقد قلت وقالوا، وقولي الأخير من قولي الأول، فقال لها ابن أم كلاب:
فمنك البداء ومنك الغير * ومنك الرياح ومنك المطر وأنت أمرت بقتل الإمام * وقلت لنا إنه قد كفر فهبنا أطعناك في قتله * وقاتله عندنا من أمر ولم يسقط السقف من فوقنا * ولم تنكسف شمسنا والقمر وقد بايع الناس ذا قدرأ * يزيل الشبا ويقيم الصعر ويلبس للحرب أثوابها * ومامن وفى مثل من قد غدر (98) وكان ابن خلدون يهدف من وراء ذلك إلى غاية ذميمة. أن يجعل سبب اجتماع الثلاثة بمكة هو أن عائشة قد خرجت إلى مكة، وعثمان محاصرا، حتى ورد عليها هذا الرجل وأخبرها بالأمر.
ونرى من الواجب فك هذا التهافت، وتوضيح هذا التضليل، فعائشة خرجت وهي تعلم بمقتل عثمان، وكانوا قد كلموها في الأمر فرفضت، وكان مروان قد جاء إلى عائشة، فقال: " يا أم المؤمنين، لو قمت بين هذا الرجل وبين الناس؟ قالت: قد فرغت من جهازي، وأنا أريد الحج.
قال: فيدفع إليك بكل درهم أنفقته درهمين، قالت: لعلك ترى إني في شك من صاحبك؟ أما والله لوددت أنه مقطع بغرارة من غرائري، وإني أطيق حمله، فأطرحه في البحر (99) ".
وكانت عائشة شديدة عليه أيام خلافته. ومن المحرضين عليه أيضا. حتى