الجماعة) " (207).
لقد كان بنو أمية ثمرة لطريق بدأ بعد وفاة الرسول الأعظم صلى. الله عليه وآله وسلم. وهذه الثمرة حملت شذوذ وانحراف بني إسرائيل الذين حملوا شذوذ وانحراف البشرية كلها. ويخطئ من يظن أن بني أمية إنتهوا بنهاية دولتهم على أيدي العباسيين. لأن ثمرتهم طرحت بذرتها بعد نهاية دولتهم بستانا من الشذوذ - الخارج عليه خارج عن القانون. وفي ظل هذا القانون اتسعت حضارة الثراء والترف والرقيق والجواري والغناء والمجون والشعوبية والزندقة. فبني أمية حفروا في جسد الأمة مجاري طويلة. ورفعوا فوق هذه المجاري أعلام القداسة.
وعندما جاء العباسيون ثاروا على بني أمية في الوقت الذي استعملوا فيه هذه المجاري يقول الدكتور شوقي ضيف: أقام العباسيون خلافتهم على أنهم أحق الناس بإرث رسول الله. ومضوا يحيطون أنفسهم بهالة كبيرة من التقديس. كان لها أسوء الأثر في خنوع الناس وخضوعهم للظلم والفساد وفي ظل هذا الحكم الاستبدادي لم يحسب أي حساب للرعية. فهي أدوات مسخرة للحاكم. وليس لها من الأمر أي شئ. فالحاكم في يده كل الأمر وكل السلطات (208) وكثر الرقيق في العصر العباسي. وكان يشيع بينهم الخصيان. والإسلام يحرم خصاء الإنسان احتراما لآدميته. وكان رقيق النساء من الجواري أكثر عددا من رقيق الرجال.
وكانت هؤلاء الجواري والإماء من أجناس وثقافات وديانات وحضارات مختلفة.
فأثرن آثارا واسعة في أبنائهن ومحيطهن. وهي آثار امتدت إلى قصر الخلافة وعملت فيه عملا بعيد الغور. فقد كان أكثر الخلفاء من أبنائهن. فالمنصور أمه حبشية والهادي والرشيد أمهما الخيزران رومية. وكانت أم الواثق رومية. وقد أخذ هؤلاء الجواري يكثرن في القصر منذ المهدي وكان بينهن من يعلقن الصلبان. وكان قصر الأمين يزخر بالجواري الغلاميات اللاتي يلبسن لبس الغلمان وزخر قصر المعتصم والواثق بالجواري المسيحيات (209).