الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٤٨٥
عبد الله بن حنظلة قال: والله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء. إنه رجل ينكح أمهات الأولاد والبنات والأخوات ويشرب الخمر ويدع الصلاة (192) وكان (أمير المؤمنين) معاوية قد أوصى (أمير المؤمنين) يزيد قائلا: قد وطأت لك البلاد ومهدت لك الناص. ولست أخاف عليك إلا أهل الحجاز. فإن رابك منهم ريب. فوجه إليهم مسلم بن عقبة فإني قد جربته وعرفت نصيحته (193) فلما خرج أهل المدينة على يزيد. قال لمسلم بن عقبة:
ادع القوم ثلاثا فإن أجابوك وإلا فقاتلهم. فإذا ظهرت عليهم فأبح المدينة ثلاثا.
فكل ما فيها من مال أو دابة أو سلاح أو طعام فهو للجند. فإذا مضت الثلاث فاكفف عن الناص (194) وذهب الجيش. وقيل في المجزرة: والله كان ينجو منهم أحد. قتل خلق من الصحابة ونهبت المدينة وافتض منها ألف عذراء (195) وقتل يوم الحرة سبعمائة رجل من حملة القرآن (196). وراثت الخيل وبالت بين القبر والمنبر. ولم تصل في مسجد النبي جماعة. وكان هذا اليوم من أكبر مصائب الإسلام وخرومه. ثم انتقل الجيش بعد ذلك إلى مكة فحوصرت ورمي البيت بالحجارة (197) لقد وضعت بني أمية بذور الأنياب التي تحافظ على الانحراف والشذوذ تحت مظلة قالوا بأنها مظلة الإسلام. وأثمرت هذه البذور شجرة كبيرة. مارس أصحابها فيما بعد الاعتداء والترويع والتنكيل وقتل وصلب المخالفين لهم في الرأي. ولم يكن هذا الارهاب أو الحكم بالرعب والتخويف سوى، تحصين لمصالح الحاكم دون الشعب. ولم يقف هذا الأمر عند بني أمية بل أصبح سنة رفع أعلامها الذين جاؤوا من بعدهم على الرغم من اختلاف الأسماء.
روي أن عصر أبو جعفر المنصور كان من أشد العصور قسوة على المعارضين له في الرأي وظلت الدائرة تتسع وتحمل ثقافة كاملة تبارك حكم الجبرية والطاغوت وتزينه بأعلام الفتوى.

(192) تاريخ الخلفاء 195.
(193) فتح الباري: 71 / 13.
(194) ابن الأثير: 311 / 3.
(195) تاريخ الخلفاء: 195.
(196) الخصائص الكبرى: 240 / 2.
(197) * رسائل ابن حزم ط المؤسسة العربية: ص. 140.
(٤٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 480 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 ... » »»
الفهرست