الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٤٩٣
على امتداد التاريخ الإنساني.
وعلى هذا فالقول بأن الرسول وضع أساسا وسار عليه الناس. هذا القول يذهب كهباء ضائع في خلاء بمجرد النظر في أحداث مقتل الحسين والحرة ودخول الخيل مسجد النبي وحرق البيت العتيق بعد وفاة النبي بنصف قرن تقريبا.
ويبدو هذا القول عاجزا أمام طريقة اختيار الخليفة منذ البداية وحتى عالم الوراثة الذي سنه معاوية بن أبي سفيان وأخذ من بعده أشكالا متعددة على امتداد التاريخ تحفظ للفرد أو القبيلة أو الحزب حقه في رقاب الناس. إن دين الله لا يوضع على الموائد ليقول فيه كل صاحب هوى. وإلا لماذا أهلك الله الأمم السابقة ومنهم من قال: " ما أريكم إلا ما أرى)؟ وقد جعله الله عبرة للمسلمين بمقدار ما هو عبرة لبني إسرائيل. قال تعالى: (إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا + فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا " (212) لم يقل:
كما أرسلنا إلى مدين رسولا أو إلى المؤتفكة رسولا. وإنما اختار فرعون. ليتدبر الذين أمسكوا بذيول القياصرة والأكاسرة والفراعنة. في قصة الذي عصى الرسول فأخذه الله أخذا وبيلا. والآية الكريمة يجد المتدبر فيها شعاعا يلقي بضوئه على حركة تاريخ المسلمين.
ويبقى سؤال: إذا كانت حركة التاريخ تستقيم مع الأساس الذي وضعه النبي. فكيف يستقيم هذا مع الحديث الشريف: (من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية " (213) فهل يزيد بن معاوية وأمثاله ومروان بن الحكم والوليد بن يزيد وأمثالهما يدرجوا ضمن الأئمة الذين إذ لم يعرفوا كان مصير من لا يعرفهم أن يموت موتة جاهلية؟ إن يزيد قتل الحسين والعديد من علماء الإسلام أجازوا لعنه. وفي عهد يزيد اقتحمت الخيول المدينة وبايع أهلها يزيد على أنهم عبيد له. ومروان كان سببا مباشرا في قتل عثمان وهو قاتل طلحة وفوق كل هذا فهو ابن طريد رسول الله ولعن الرسول أباه وهو في صلبه. والوليد فتح نافذة الغناء والطرب والمجون

ليدخل الشذوذ والانحراف من كل لون. إذا كانت الإجابة. إن هؤلاء (212) سورة المزمل، الآيتان: 15 - 16.
(213) رواه الطبراني (الزوائد: 218 / 5).
(٤٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 ... » »»
الفهرست