الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٤٨٨
وشعر الجاهلية وشعر الأديرة. وفي عالم أمراء بني أمية وفقهائهم. ألقت الشجرة بثمارها التي يسير من أكلها في فتنة يتهوك فيها تهوك اليهود في الظلم. لقد ظهرت المذاهب منها ما هو على الطريق الصحيح ومنها الذي أخطأ الطريق. وأهم مذهب شجعه بني أمية لأنه يتفق مع أهدافهم هو (الإرجاء) يقول الدكتور يوسف خليفة: ظهر هذا المذهب بعد أحداث الفتنة. كما تظهر حمامة السلام. مذهبا سياسيا مسالما يحمل غصن الزيتون. يلوح به للجميع ويعلن أن الجميع قاتل ومقتول وظالم ومظلوم على حق. لأنه لا يوجد أحد يستطيع أن يعين أيهم المخطئ وأيهم المصيب لأن الأمور مشتبهة. ولهذا فإن الحكم. أن يترك أمر الجميع إلى الله. ولقد عمل الأمويون على استقرار مذهب المرجئة ذلك المذهب الذي يخدم البيت الأموي (202) بعد أن ثار جدل طويل حول موقعة الجمل وصفين والنهروان. وبدأ البعض بحث عن الحقائق. ولقد جاء هذا المذهب نتيجة للكم الرهيب من الأحاديث والقصص التي وضعها مرتزقة بني أمية وخلطوا فيها بين الحق وبين الباطل حتى التبس الأمر على الكثير. ومذهب الإرجاء هذا تحيط به الشبهات. فكما أن اليهود اخترقوا الساحة قديما عندما كف الناس عن الرواية وتفرغوا للقص في المساجد وكما دخل النصارى إلى ساحة الشعر تحت مظلة الوليد بن عقبة في عهد عثمان. كذلك كان النصارى وراء مذهب الإرجاء الذي جاء على هذا الكم من القص والحديث. يقول الدكتور يوسف خليفة: ويميل (كريمر) إلى القول بأن هناك صلة بين مبادئ المرجئة وبين تعاليم الكنيسة الشرقية. ويرى أن هذا واضح بالذات في فكرة عدم التخليد في النار. كما أن إيمان المرجئة الهادئ الذي يغلب عليه الانشراح وتعزية النفس. يتفق كل الاتفاق مع تعاليم يوحنا الدمشقي الذي كان وقت ظهور هذه الطائفة. يشتغل بالأبحاث الدينية. ويتمتع بشهرة كبيرة في عاصمة الخلفاء الأمويين. ثم يؤكد في النهاية إن آراء المرجئة ترجع في أصلها ومسلكها إلى فلسفة الكنيسة الإغريقية ونحن لا نرفض القول بأن تعاليم المرجئة قد تكون متأثرة بتعاليم الكنيسة الشرقية (203) وهكذا التقى البدء مع الختام وقام بني أمية بإزالة الفوارق بين دائرة

(202) حياة الشعر: 309.
(203) حياة الشعر: 312.
(٤٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 483 484 485 486 487 488 489 490 491 492 493 ... » »»
الفهرست