الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٤٩٤
أئمة ساروا على الأساس الذي وضعه الرسول، فإن هذه الإجابة ستكون ظلما للإمامة. وإلا يكون تعريف الإمامة نفسه قد التقط من على طريق القهقري والطمس. حيث الإمامة على هذا الطريق تدعو إلى النار كما في الحديث:
" يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي. وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس " (214). فكيف وعلى أي أساس تعقد الإمامة لمن لا يقتدي برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ إن انعقاد الإمامة لهذه الأنماط البشرية. يعني أن الحركة تسير على غير الأساس الذي وضعه الرسول الأكرم. لأن الحركة تاجرت بالشعار وجندت ألفاظه لخدمة مآربها. ولأن الجماهير في عالم الفتن قد افتتنت بهذه الشعارات ترتب على ذلك الموتة الجاهلية كما ورد في الروايات المتعددة. أن الذين تاجروا بالشعار أعد الله لهم عذابا أليما يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " ليتمنين أقوام ولوا هذا الأمر.
أنهم خروا من الثريا وأنهم لم يلوا شيئا) (+).
وما ينطبق على استعمال لفظ الإمامة في الفتنة ينطبق أيضا على استعمال لفظ الجماعة. ففي الحديث الشريف. " من فارق الجماعة شبرا فقد فارق الإسلام (215) والحديث: (... فمن خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من رأسه " (216) وغير ذلك من الأحاديث التي تنادي بالجماعة وفقا للأساس الذي وضعه النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم. فإذا حدث ولم نر جماعة فمعنى ذلك أن الطريق من الأساس إلى نقطة الافتراق كان به عقبات.
ولقد روى أصحاب التواريخ والتراجم والسير والصحاح والمسانيد والتفسير. أن المذاهب الفكرية قطعت الأمة إلى رقع، حلال الحقبة الأولى من تاريخ المسلمين. فكان الخوارج في العراق وفارس والجزيرة والأباظية في عمان. ثم بدأت المذاهب تضع الأسوار حول أراضيها. فاستقلت الأدارسة والأغالبة والطاهرية والزيادية من العصر العباسي الأول. وفي عصر المماليك استقلت

(214) رواه مسلم: 20 / 5.
* رواه أحمد (كنز العمال: 23 / 6).
(215) رواه البزار (الزوائد: 224 / 5).
(216) رواه الإمام أحمد (الزوائد: 217 / 5).
(٤٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 499 » »»
الفهرست