الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٤٩٢
7 - خاتمة المطاف:
في عالم الفتن تطير العقول. وفي عالم العقول الطائرة. لا تسأل عن إجابة لأي سؤال. لقد ذم الإسلام منذ عهد نوح عليه السلام وحتى الرسالة الخاتمة اتباع الأهواء. ولم يضع الله دينه على مائدة البشرية كي يقول فيه كل منهم برأيه. وإنما كانت العامود الفقري للدين. أتؤمن أو لا تؤمن؟ ونحن نقول هل شذت الرسالة الخاتمة عن هذا؟ بمعنى هل ترك الله دينه الخاتم لتنهش فيه القبائل كل منهم حسب ما يراه. أم قام سبحانه بتحصين هذا الدين من مختلف الأهواء حتى قيام الساعة؟ فإذا كانت الإجابة أن الدين لم يشذ عن القاعدة وأن الله تعالى حصن دينه من أطماع الطامعين. فما معنى أن يجلس يزيد بن معاوية على رقبة الأمة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأقل من خمسين عاما. وكان يزيد فاتحة للغلمان من كل جنس ولون بعد ذلك؟ إذا كانت هناك إجابة فهي أن مبادئ التحصين لم يلتفت إليها بعد الرسول إلا في حدود ضيقة. فإن قيل أن مبادئ التحصين وضعت أيام الرسول وسارت عليها الأمة من بعده مدة طويلة. نقول أن التاريخ لا يقول بذلك. ونحن أمام التاريخ إما أن نقول. أن الرسول وضع أساسا سار عليه الناس من بعده. وفي هذا ظلما للدعوة. وإما أن نقول أن الرسول وضع أساسا ولم يسير الناس عليه بعد موته إلا في حدود وهذا القول يستقيم مع حركة التاريخ وأيضا مع إخبار الرسول بالغيب عن ربه. فمعنى أن الأمة ستتبع سنن الذين من قبلها. أن حلقات التحصين ستذوب ليختلط هذا مع ذاك. ومعنى أن حلقات التحصين ستذوب أن ساحة النسيان بين الأمة وحلقات التحصين ستتبع.
والنسيان أرض خصبة للشيطان وعلى امتداد التاريخ انطلق الشيطان منها نحو البشرية. دخل إلى قوم نوح منها وإلى قوم عاد عندما أقاموا أبنيتهم على الأعمدة لتفادي الطوفان لما دثرت ثقافة النسيان حقيقة الطوفان. وعندما أهلكهم الله بالريح. دخل إلى ثمود من بعدهم عندما حفروا بيوتهم في الصخور كي يتفادوا الرياح لما دثرت ثقافة النسيان حقيقة الرياح. وهكذا لا نستبعد أن قول الرسول لعلي بن أبي طالب " من كنت مولاه فعلي مولاه " ضاع أثره في عالم النسيان في الأمة الخاتمة شأنها شأن الأمم السابقة. ولذا نجد أن أمير المؤمنين عندما ذكر العديد بهذا الحديث كانت إجابتهم واحدة " نسينا "!! وكل نسيان له مقدمات
(٤٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 ... » »»
الفهرست