الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٤٨٩
الرجس وبين دائرة النجس.
وكان القرآن قد حذر من أصحاب هذه الدوائر كما ذكرنا من قبل. وسقط من مذهب المرجئة قطرات جرت من الماضي إلى الحاضر وتنطلق إلى المستقبل. ولم تكن بصمات أهل الكتاب على هذا المذهب العقائدي فقط وإنما وضعوا بصماتهم على العديد من شؤون الحياة يقول الدكتور صابر دياب:
والدارسون للسياسة الأموية المالية كان من رأيهم إنها كانت إحياء للسياسة البيزنطية القديمة بمساوئها ومظالمها معا. فولاة الأمويين لم يكونوا رسل إصلاح إنما كانوا جباة للمال همهم أن تحصل الضرائب. وكان من يسلم لا يعفى من دفع الجزية وأباح الأمويون للقبائل العربية التي توافدت على مصر أن تحوز الأرض إلى جانب ما كانت تناله من عطاء وعادت ظاهرة الهرب الجماعية من الأرض الزراعية هربا من ضرائب الأمويين مثلما كان يحدث في العصر البيزنطي (204).
ومن هنا بدأت الإنطلاقة التي أخبر عنها الصادق الأمين صلى الله عليه وآله وسلم: (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم) " قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: (" فمن؟) " (205) وقال الصادق صلى الله عليه وآله وسلم: (ليحملن شرار هذه الأمة على سنن الذين خلوا من قبلهم من أهل الكتاب حذو القدة بالقدة) " (206) ولما كان الطريق هو طريق الطمس والقهقري فإن ببني إسرائيل على هذا الطريق فرق عديدة.
يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن بني إسرائيل تفرقت على إحدى وسبعين فرقة فهلكت سبعون فرقة وخلصت فرقة. وإن أمتي ستتفرق على اثنتين وسبعون فرقة. فتهلك إحدى وسبعين وتخلص فرقة. - وفي رواية: كلها في النار إلا فرقة - قالوا يا رسول الله من تلك الفرقة؟ قال (الجماعة.

(204) تاريخ مصر الإسلامية وحضارتها / د. صابر دياب: ص 66.
(205) رواه البخاري: 264 / 4، مسلم: 219 / 16، أحمد (الفتح: 197 / 1).
(206) رواه أحمد والبغوي وابن قانع والطبراني وسعيد بن منصور (كنز العمال:
170 / 11).
(٤٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 484 485 486 487 488 489 490 491 492 493 494 ... » »»
الفهرست