فاقبلوا إلينا فإنا سائرون إلى عدونا وعدوكم ونحن على الأمر الأول الذي كنا عليه.
فكتبوا إليه: إن شهدت على نفسك بالكفر واستقبلت التوبة نظرنا فيما بيننا وبينك وإلا فقد نبذناك على سواء! فلما قرأ كتابهم آيس منهم. ورأى أن يدعهم ويمضي بالناس حتى يلقى أهل الشام. فيناجزهم. فقام في أهل الكوفة ثم قال: اتقوا الله. وقاتلوا من حاد الله ورسوله وحاول أن يطفئ نور الله. فقاتلوا الخاطئين الضالين القاسطين الذين ليسوا بقراء القرآن ولا فقهاء في دين الله ولا علماء في التأويل. ولا لهذا الأمر بأهل في سابقة الإسلام. والله لو ولوا عليكم لعملوا فيكم بأعمال كسرى وهرقل تيسروا للمسير إلى عدوكم (139) وفي الوقت الذي كان يشدهم شدا لقتال معسكر معاوية. كان الناس يقولون لو سار بنا لقتال الحرورية (الخوارج) فلما بلغه ذلك قال لهم. بلغني ما قلتم. فدعوا ذكر هؤلاء. وسيروا إلى قوم يقاتلونكم كيما يكونوا جبارين ملوكا ويتخذوا عباد الله خولا. فناداه الناس أن سر بنا حيث أحببت (140).
وبينما أمير المؤمنين يستعد لقتال معاوية قتل الخوارج بعض من شيعته وكان فيهم أطفالا. وأتى الخبر عليا والناس معه فقالوا يا أمير المؤمنين علام ندع هؤلاء وراءنا يخلفونا في عيالنا وأموالنا سر بنا إلى القوم. فإذا فرغنا منهم سرنا إلى عدونا من أهل الشام. وسار أمير المؤمنين لقتال الخوارج. وقال قبل بدء قتالهم:
... ألم تعلموا أني نهيتكم عن الحكومة. ونبأتكم أنها مكيدة. وإن القوم ليسوا بأصحاب دين فعصيتموني. فلما فعلت شرط واستوثقت على الحكمين أن يحيا ما أحيا القرآن ويميتا ما أمات القرآن. فاختلفا وخالفا حكم الكتاب والسنة.
فنبذنا أمرهما ونحن على الأمر الأول فمن أين أنتم؟ قالوا: إنا حكمنا فلما حكمنا أثمنا. وكنا بذلك كافرين. وقد تبنا. فإن تبت فنحن معك ومنك. وإن أبيت فإنا منابذوك على سواء. فقال علي: أصابكم حاصب ولا بقي منكم وابر. أبعد إيماني برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهجرتي معه وجهادي في سبيل الله.
أشهد على نفسي بالكفر. لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين. ثم انصرف