4 - ما أشبه الليلة بالبارحة.
إذا كان كعب الأحبار قد مهد الطريق لوضع الأحاديث واتساع القصص في وقت ثم تضييق الخناق فيه على رواية الحديث. وإذا كان ظهور الرأي نتيجة حتمية لمقدمة لا رواية فيها ولا تأويل. فإن ظهور شعراء النصرانية في الساحة في وقت مبكر من وفاة الرسول كان مقدمة لنتيجة هي كارثة بجميع المقاييس. وشعراء النصرانية بدأوا في التسلل نحو المجتمع الإسلامي على امتداد عصور الفتوحات. وروي أن العديد منهم وفد على عمر بن الخطاب ومنهم حرملة بن المنذر أبو زيد الشاعر قال في الإصابة: كان نصرانيا وكان يزور عمر وعثمان (48) وحرملة بن جابر قال في الإصابة: كان نصرانيا يدخل على عمر (49). والحطيئة الشاعر. قال في الإصابة: أسلم ثم ارتد. كان يقول الشعر. وكعب الأحبار يقول: هذا والله في التوراة. وكان يتردد على عمر (50) وغير هؤلاء الكثير.
وهؤلاء كانوا مقدمة لآخرين جاؤوا في عهد عثمان. وعن هذا العهد يقول الدكتور يوسف خليفة: بدأت الموجة في أول الأمر هادئة. حيث كانت أديرة النصارى المنتشرة في الحيرة النصرانية. تقدم ألوانا هادئة من اللهو. وتهيئ لروادها فرصة هادئة من الشراب (51). ثم اتسعت الموجة. عندما بدأ الوليد بن عقبة والي عثمان على الكوفة وأخاه لأمه يشرب الخمر ويستمع إلى الغناء. وروي أنه كان يسمر مع ندمائه ومغنيه من أول الليل إلى الصباح. وأنه كان يؤثر بمنادمته صديقا له من نصارى تغلب هو أبو زبيد الطافي الشاعر. وأنه أنزله دارا على باب المسجد ثم وهبها له. فكان أبو زبيد يخرج من منزله حتى يشق الجامع على الوليد فيسهر عنده ويشرب معه. ثم يخرج فيشق المسجد وهو سكران. وروي أن الوليد صلى بالناس الصبح ذات يوم وهو سكران أربع ركعات. ثم التفت إلى الناس وقال.
أزيد كم (52).