دوران صاحبها في اتجاه حركة الكون. ومع هذا الدوران الصحيح سيأتي حتما الاطعام والأمن. وليس معنى ذلك أن الفتوحات كانت سياسة خاطئة وأن حركة جميع الولاة كانت في اتجاه الكرسي والمال. فالتاريخ يشهد بأن العديد من الفتوحات صان بيضة الإسلام من أعدائه المحيطين به. وأن من الولاة من عمل ابتغاء مرضاة الله. ولكن حركة الفريق الذي قدمناه وأمثالهم طغت على أعمال غيرهم. ووضعت مقدمات أثمرت نتائج هي بكل المقاييس لا علاقة لها بالإسلام إلا بالاسم. وهذا إن دل على شئ إنما يدل على أن الحركة لم تكن في الاتجاه الصحيح. فنحن لا نصدق على سبيل المثال لا الحصر أن ضرب الكعبة ورميها بالمنجنيق أو دخول الخيل إلى مسجد الرسول في واقعة الحرة أو قتل الحسين.
لا نصدق أن كل هذا كان نتيجة صحيحة لمقدمة صحيحة. ولأننا لا نصدق فإننا نقول إن حركة هؤلاء الولاة منذ البداية كانت تعمل لخدمة هوى تلبس بالإسلام.
3 - حفائر أهل الكتاب والأهواء:
إن الكفار من أهل الكتاب يقاتلون معاركهم من وراء جدر. فيدخلون المعارك وراء جدار الجواسيس ويقفون بأسلحتهم وراء الجدر المنيعة. وعلى هذا إذا رأيناهم داخل منطقة ما من البيت الإسلامي اجتماعية أو تربوية أو اقتصادية يجب أن نعلم إما أن لهم جدر تحمي حركتهم وإما فتكت أسلحتهم بهذه المنطقة فدخلوها وهم يعلمون أن أحدا لن يجابههم. وأهل الكتاب لم يستطيعوا أن يقاتلوا أمام المسلمين بسلاح. ولقد هزموا في جميع معاركهم. وبعد موت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بدأوا يعدون لمعارك من نوع آخر يساعدهم فيها المنافقين داخل البيت الإسلامي. ومن هذه المعارك وضع الأحاديث ورواية القصص التي تحمل بين طياتها دماء أهل الكتاب. ولقد ساعد أهل الكتاب على ذلك أن الساحة أعطتهم هذه الفرصة الثمنية وهي لا تدري.
في عصر الرسول كانت رواية الحديث معروفة عملا يقول الله تعالى.
(إ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) ". ولم تنقطع رواية الحديث حتى يوم خطبة الوداع حيث قال فيها النبي: (" ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب) ". وربما يكون الرسول قد أمر في صدر الدعوة بعدم رواية الحديث حتى يتمكن القرآن من النفوس. ولكن الحديث اتصلت روايته بعد ذلك. لأن الحديث مكمل