للتشريع. ومبين لمجملات القرآن ومخصص لعموماته ومطلقاته. كما تكفل لكثير من النواحي الأخلاقية والاجتماعية والتربوية. والذي حدث بعد وفاة الرسول أن رواية الحديث كانت في نطاق ضيق. وفي عصر عمر بن الخطاب ضاقت الدائرة أكثر وكان قد قال: (" قلوا الرواية عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا شريككم) (37) ثم ضاقت أكثر عندما توعد الخليفة الناس بالعقاب عليها ونحن نختلف مع الذين قالوا: أن النهي عن الرواية والتدوين في عهد عمر كان ضرورة حتى لا يلتبس القرآن بالحديث. وحتى لا ينصرف المسلمين عن كتاب الله. وذلك لأن للقرآن أسلوب لا يبلغه الإنس والجن مجتمعين. فكيف يلتبس القرآن بالحديث؟ وكيف ينصرف الناس عن كتاب الله وهم يقرأونه في صلاتهم كل يوم. ويسهرون معه ليلا طويلا. وهل معنى إننا نخاف على القرآن أن نضيع سنة الرسول؟ لقد كان من الأفضل أن تجتمع هيئة من الأمناء وتدون الحديث الصحيح كله بعد تدوين القرآن. وبهذا يقطع الطريق على الكذابين والوضاعين إما أن تمنع رواية الحديث تحت عنوان المحافظة على القرآن. فهذا لا يقبله عقل سليم ويفتح الطريق للقول بأن عدم الرواية والتدوين الهدف منه التعتيم على من طالب الرسول بالالتفاف حولهم أو الذين حذر منهم وعلى أي حال فكما ذكرنا من قبل أن معلومات كثيرة فقدت عن هذه الفترة. ولا ندري السبب الحقيقي لأمر عمر بن الخطاب بعدم الرواية. ولكن من المؤكد أن حركة الوضع ترعرعت في هذا السكون وحمل شجرتها كعب الأحبار. وكعب كان من أكبر أحبار اليهود. أسلم في عهد عمر وسكن المدينة في خلافته. ثم تحول إلى الشام في عهد عثمان. فاستصغاه معاوية وجعله من مستشاريه لكثرة علمه!! ويقول الشيخ رشيد رضا: أن كعب كان من زنادقة اليهود. الذين أظهروا الإسلام والعبادة لتقبل أقوالهم في الدين. وقد راجت دسائسه. وانخدع به بعض الصحابة ورووا عنه وتناقلوا أقواله (38) وقال ابن كثير في تفسيره: لما أسلم كعب في الدولة العمرية جعل يحدث عمر رضي الله عنه. فترخص الناس في استماع ما عنده ونقلوا ما عنده من غث وسمين وذكر أن كعبا كان متخصص في بث
(٤٤٧)