الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣١٠
في إيمانها خيرا) (152).
(خامسا): الخلاصة:
إن الذين يعبدون أصناما من دون الله ويسيرون وراء أهوائهم في الحقيقة يدعون الشيطان العاري من كل خير، ويسيرون في اتجاه طاعة، لأن الشيطان أخذ على عاتقه أن يظلهم بالاشتغال بعبادة غير الله. واقتراف المعاصي وأن يغرينهم بالاشتغال بالآمال والأماني التي تصرفهم عن الاشتغال بواجب شأنهم.
وما يهمهم من أمرهم. وأن يأمرهم بتحريم ما أحل الله وتغيير خلقه مثل الإخصاء واللواط والسحاق والخروج عن حكم الفطرة وترك الدين الحنيف. والظالمين من أهل الكتاب اشتغلوا بهذا كله. لقد اشتغلوا بآمال وأماني أرض المعاد.
وجعلوا هذه الآمال عامودا فقريا لحركتهم. ولأنهم بظلمهم اتبعوا الأهواء وأعرضوا عن التعقل الصيح أضلهم الله، ولم يأذن سبحانه لناصر ينصرهم بالهداية ولا منقذ ينقذهم من الضلال، فأي خسران أبين من خسران من يبدل السعادة الحقيقة وكمال الخلقة بالمواعيد الكاذبة والأماني الموهومة (ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا) (153).
إن قافلة بني إسرائيل التي بدأت مع موسى عليه السلام على أرض مصر.
اضطهدت في سبيل الله (قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين * قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون) * (154) قال المفسرون: كأنه يقول: ما أمرتكم به أن اتقوا الله في سبيل مقصدكم. كلمة حية ثابتة، فإن عملتم بها، كان المرجو أن يهلك الله عدوكم ويستخلفكم في الأرض بإيراثكم إياها. ولا يصطفيكم بالاستخلاف اصطفاء جزافا. ولا يكرمكم إكراما مطلقا من غير شرط ولا قيد. بل ليمتحنكم بهذا الملك. ويبتليكم بهذا التسليط والاستخلاف. فينظر كيف تعملون (155).

(152) سورة الأنعام، الآية: 158.
(153) سورة النساء، الآية: 119.
(154) سورة الأعراف، الآيتان: 128 - 129.
(155) الميزان: 225 / 8.
(٣١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 305 306 307 308 309 310 311 313 315 316 317 ... » »»
الفهرست