الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣١٦
الحسن من القبيح. وكيف يعرف من ألقى مقياس المعرفة الفطرية وراء ظهره وانطلق مسرعا إلى عالم الضلال الذي لا يفلج من سار على طريقه أبدا. فتحت رايات الوثنية في الإمبراطورية الرومانية الشرقية. كان الإنسان أرخص شيئا على أرضها. كانوا يدفعون بالرقيق إلى حلبات المصارعة كي يصارع إنسان مثله حتى الموت أو يصارع السباع! وكل هذا من أجل أن يدخلوا السرور على شريف من أشرف القوم بع عناء يوم عمل. كانت حياة سادتهم وكبرائهم عبارة عن المجون والترف. والمؤامرات والمجاملات الزائدة والقبائح والعادات السيئة. كان هم الجميع هو اكتساب المال من أي وجه. فهناك من احترف قطع الطرق لسرقة الأفراد وهناك من احترف قطع الطرق لسرقة الشعوب. أما أوروبا فكانت تعيش في ظلام الجهل والأمية والحروب الدامية وكانت بعيدة عن قافلة الحضارة التي شيدها الناس من حولهم. كان لا شأن للعالم بها ولا شأن لها بالعلم. وكانت أجسامهم قذرة ورؤوسهم مملوءة بالأوهام. وكان الرهبان هناك يبحثون في أن المرأة حيوان أم إنسان؟ ولها روح خالدة أم ليس لها روح خالدة. وأن لها حق الملكية والبيع والشراء أم ليس لها شئ من ذلك. ويقول روبرت برفلوت: لقد أطبق على أوروبا ليل حالك من القرن الخامس إلى القرن العاشر. وكان هذا الليل يزداد ظلاما وسوادا. وكانت همجية ذلك العهد أشد هولا وأفظع من همجية العهد القديم. لأنها كانت أشبه بجثة حضارة كبيرة قد تعفنت.. وقد كانت الأقطار الكبيرة التي ازدهرت فيها الحضارة وبلغت أوجها في الماضي كإيطاليا وفرنسا. فريسة الدمار والفوضى والخراب (1) أما الهند فكانت قبل عصر البعثة المحمدية قد احترفت صنع الآلهة وذكر صاحب كتاب الهندوكية السائدة. بأنهم ألحقوا بالديانة الهندوكية عددا من الآلهة قد بلغ (330 مليون) إله!! وفي ظل هذه الآلهة رتعت عقائد التثليث والتجسد والحلول وجميع معالم الانحراف. وفي بلاد فارس أقيمت للناس المعابد العديدة! وفي بلاد العراق أقيمت المعابد للكواكب والأوثان! أما العرب فقد انغمسوا في الوثنية بأبشبع أشكالها، فكان لكل قبيلة أو ناحية أو مدينة صنم خاص، بل لكل بيت صنم خاص، وكان في جوف

(1) السيرة النبوية / الندوى: ص 9.
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 309 310 311 313 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»
الفهرست