الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ١٥٢
السماء فيسقط عليه من بين الناس فدمره. فتتبعتهم الحجارة في سائر البلاد حتى أهلكتهم عن آخرهم ولم يتبق منهم أحد (107).
لقد تتبعت الحجارة الذين يعملون من أجل تصدير وتسويق بضاعة الدنس. وتتبعت أتباع الدنس والعار في كل مكان يشترون فيه ويبيعون، لأن للكون نظاما، وكل حركة فيه من أجل هدف ومن وراء هذا الهدف حكمة، والذين خرجوا يستوردون ويصدرون لأهداف لهم لا تستقيم مع الفطرة، ولأنهم ضد حركة الوجود، قلبوا. بين الصيحة والإمطار، والله غني عن العالمين.
وروي في عذابهم، أنه لما انتصف الليل، سار لوط ببناته، وولت امرأته مدبرة إلى قومها، تخبرهم أن لوطا قد سار ببناته وخرج عن ديارهم، فقال جبرائيل عليه السلام: وإني نوديت من تلقاء العرش لما طلع الفجر يا جبرائيل: حق القول من الله محتما بعذاب قوم لوط، فاقلع قريتهم من تحت سبع أرضين، ثم أعرج بها إلى السماء. فأوقفها، حتى يأتيك أمر الجبار في قلبها. ودع منها آية من منزل لوط عبرة للسيارة، فهبطت على أهل القرية. فضربت بجناحي الأيمن على ما حوى عليه شرقيها، وضربت بجناحي الأيسر على ما حوى عليها غربيها فاقتلعتها من تحت سبع أرضين. إلا منزل آل لوط.. ثم عرجت بها في خوافي جناحي.
فأوقفتها حيث يسمع أهل السماء صياح ديوكها ونباح كلابها، فلما طلعت الشمس. نوديت من تلقاء العرش. يا جبرائيل أقلب القرية على القوم. فقلبتها عليهم. حتى صار أسفلها أعلاها. وأمطر الله عليهم حجارة من سجيل (108) ولا خلاف بين الأمم وأهل الأديان في قلب مدائن لوط، ولكن يوجد اختلاف في كيفية خسف بلادهم وقلبها.
3 - عبرة وتذكرة:
لقد ذهبت أصول الدنس وقطع الله دابر قوم لوط ولم يبق منهم أحد ولكن ثقافتهم تسللت، تماما كما تسللت ثقافة كفار قوم نوح الذين قطع الله دابرهم بالطوفان، فمن الذي حمل الشذوذ من عالم السكون وألقاه في عالم الضجيج.

(107) ابن كثير: 455 / 3.
(108) كتاب الأنبياء: 163.
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 157 159 ... » »»
الفهرست