" رحمك الله أبا بكر، كنت والله أول القوم إسلاما وأصدقهم إيمانا، وأشدهم يقينا، وأعظمهم غنى، وأحفظهم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأحد بهم على الإسلام، وأحماهم عن أهله، وأنسبهم برسول الله خلقا وفضلا، وهديا وسمتا، فجزاك الله عن الإسلام، وعن رسول الله، وعن المسلمين خيرا، صدقت رسول الله حين كذبه الناس، وواسيته حين بخلوا، وقمت معه حين قعدوا، وسماك الله في كتابه صديقا فقال: " والذي جاء بالصدق وصدق به "، يريد محمدا ويريدك، كنت والله للإسلام حسنا، وللكافرين ناكبا، لم تفلل حجتك، ولم تضعف بصيرتك، ولم تجبن نفسك، كنت كالجبل لا تحركه العواصف، ولا تزيله القواصف، كنت كما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ضعيفا في بدنك، قويا في دينك، متواضعا في نفسك، عظيما عند الله، جليلا في الأرض، كبيرا عند المؤمنين، لم يكن لأحد عندك مطمع ولا هوى، فالضعيف عندك قوي، والقوي عندك ضعيف، حتى تأخذ الحق من القوي، وترده للضعيف، فلا حرمك الله أجرك، ولا أضلنا بعدك " (1).
وروى ابن الأثير: أنه لما ولي الخلافة، وارتدت العرب، خرج شاهرا سيفه إلى ذي القصة، فجاء علي بن أبي طالب وأخذ بزمام راحلته وقال له: أين يا خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، أقول لك ما قال لك رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، يوم أحد: " شم سيفك، لا تفجعنا بنفسك، فوالله لئن أصبنا بك، لا يكون للإسلام نظام، فرجع وأمضى الجيش " (2).
وفي نهج البلاغة قال الإمام علي: " أما بعد، فإن الله سبحانه بعث محمدا (صلى الله عليه وسلم)، فأنقذ به من الضلالة ونعش به من الهلكة، وجمع به بعد الفرقة، ثم قبضه الله إليه، وقد أدى ما عليه، فاستخلف الناس أبا بكر، ثم استخلف أبو بكر