قال: رجل علوي، تقول الرافضة، بإمامته، ويريد المتوكل قتله.
فقلت في نفسي: لن أبرح، حتى أنظر إليه، ولم يمض أمد من الوقت، حتى أقبل راكبا على فرس، وقد قام الناس يمنة الطريق ويسرتها صفين ينظرون إليه، فلما رأيته وقع حبه في قلبي، ودعوت له في نفسي أن يدفع الله عنه شر المتوكل.
وأقبل الإمام الهادي يسير بين الناس، لا ينظر يمنة ولا يسرة، وأنا أكرر في نفسي الدعاء، فلما صار بإزائي، أقبل بوجهه علي، وقال لي: قد استجاب الله دعاءك، وطول عمرك، وكثر مالك وولدك.
قال عبد الرحمن: فارتعدت من هيبته، ووقعت بين أصحابي، فسألوني:
ما شأنك، فقلت: خيرا، ولم أخبر بذلك مخلوقا، فانصرفنا بعد ذلك إلى أصفهان، ففتح الله علي بدعائه، حتى أنا اليوم أغلق بابي على ألف ألف درهم، سوى أموالي التي خارج الدار، ورزقت عشرة من الأولاد، وقد بلغت الآن نيفا وسبعين سنة (1).
وفي إثبات الوصية: أن الخليفة المتوكل كان قد أوكل الهادي، وهو غلام، إلى معلم عرف بالنصب والعداوة لآل البيت الطاهرين لينشئه بعيدا عن معتقدات الشيعة، كما أمر بإبعاده عن الشيعة، وإبعاد الشيعة عنه، غير أن هذا المعلم سرعان ما تصيبه الدهشة والعجب لهذا الغلام، الذي مات أبوه، وهو ابن ست سنين، ونشأ بين الجواري السود، ثم يظهر من العلم والفقه، ما جعل المعلم نفسه يتأدب ويتعلم عليه، ثم يتشيع، ويفسر الشيعة ذلك بالعلم الحضوري، والنور الجلي، والسر الخفي، من لدن رب العالمين (2).