وفي القلب، والنقر في الآذان، والرؤيا الصادقة في المنام، والملك المحدث له، ووجوه رفع المنار، والعمود والمصباح وعرض الأعمال، وهذا يعني أن هذا الفريق إنما لجأ إلى المغيبات، يلتمسون فيها، وفي تصورها، إقامة علم الإمام، بل يذهبون إلى أن الأخبار الصحيحة القوية الأسانيد والتي لا يجوز دفعها، ولا رد مثلها، إنما قد صحت في الإمام محمد الجواد (1).
على أن طائفة أخرى إنما قد أنكرت هذه المصادر للمعرفة، ذلك لأن الوحي إنما قد انقطع بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم والإلهام إنما يلحق عند المناظرة، والفكر أن تعرف شيئا كانت قد تقدمت معرفتك به في الأمور النافعة فتذكره، وأحكام الشرع - على كثرة اختلافها وعللها - لا تعرف بالفكر، ذلك لأن أصح الناس فكرا، وأوضحهم عقلا وخاطرا، وأحضرهم ذهنا، لو فكر - وهو لم يسمع أن الظهر أربع ركعات، والمغرب ثلاث - ما استخرج ذلك بفكره، ولا عرفه بنظره، ولا استدل عليه بكمال عقله، ولا أدركه بحضور ذهنه، لأنه من المعقول أن لا يعرف ذلك إلا بالتعليم، فوجوه علم الإمام، من كتب أبيه، وما ورثه من العلم فيها، وما رسم له فيها من الأصول والفروع (2).
على أن طائفة ثالثة، إنما قد أعطت الإمام القداسة العظمى، التي تشيع في فكر الإمامية عامة، وهي أن الإمام إمام - سواء أكان بالغا أو غير بالغ - لأنه حجة الله على الأرض، وقد يجوز أن يعلم، وإن كان صبيا، ويجوز عليه الإلهام والنكت والرؤيا والملك المحدث، كل ذلك يجوز عليه - كما جاز على أسلافه الماضين، حجج الله في الأرض، وقد حدث هذا ل " يحيى بن زكريا "