محبته في قلبه، ثم قال لهم: ما منعك من الانصراف؟ (وكان الصبيان قد فروا لما رأوا الخليفة).
فقال الإمام الجواد: يا أمير المؤمنين لم يكن الطريق ضيقا فأوسعه لك، وليس لي جرم فأخشاك، والظن بك حسن، أنك لا تضر من لا ذنب له.
فأعجبه كلامه وحسن صورته، فقال له: ما اسمك واسم أبيك؟
فقال الإمام: محمد بن علي الرضا، فترحم على أبيه، وساق جواده.
وكان مع المأمون بزاة للصيد، فلما بعد عن العمار، أرسل بازا على دراجة، فغاب عنه، ثم عاد من الجو وفي منقاره سمكة صغيرة، وبها بقاء الحياة، فتعجب من ذلك غاية العجب.
ورأى الصبيان على حالهم - ومحمد عندهم، ففروا إلا محمدا - فدنا منه، وقال له: ما في يدي؟
فقال: يا أمير المؤمنين، إن الله خلق في بحر قدرته سمكا صغارا، يصيدها بازات الملوك والخلفاء، فيختبروا بها سلالة أهل بيت المصطفى، صلى الله عليه وسلم وآله.
فقال له: أنت ابن الرضا حقا، وأخذه معه، وأحسن إليه، وبالغ في إكرامه، فلم يزل مشغوفا به، لما ظهر له بعد ذلك، من فضله وعلمه، وكمال عظمته، وظهور برهانه، مع صغر سنه.
وعزم على تزويجه بابنته " أم الفضل " وصمم على ذلك، ومنعه العباسيون من ذلك خوفا من أن يعهد إليه - كما عهد إلى أبيه من قبل - فلما ذكر لهم أنه إنما اختاره لتميزه على كافة أهل الفضل - علما ومعرفة وحكما، مع صغر سنه - فنازعوا في اتصاف الإمام محمد الجواد بذلك، ثم تواعدوا على أن يرسلوا إليه