وتسجى بثوبه، وجاء المشركون من قريش فحفوا به، لا يشكون أنه رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وقد أجمعوا أن يضربه من كل بطن من بطون قريش رجل ضربة بالسيف، لئلا يطلب الهاشميون من البطون بطنا بدمه.
وعلي يسمع ما القوم فيه من إتلاف نفسه، ولم يدعه ذلك إلى الجزع - كما جزع صاحبه في الغار - ولم يزل علي صابرا محتسبا، فبعث الله ملائكته فمنعته من مشركي قريش، حتى أصبح، فلما أصبح قام فنظر القوم إليه، فقالوا:
أين محمد؟ قال: وما علمي بمحمد أين هو؟ قالوا: فلا نراك إلا مغررا بنفسك منذ ليلتنا، فلم يزل على أفضل ما بدأ به يزيد ولا ينقص، حتى قبضه الله إليه.
قال: يا إسحاق، هل تروي حديث الولاية؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين.
قال: أروه، ففعلت.
قال: يا إسحاق، أرأيت هذا الحديث، هل أوجب على أبي بكر وعمر، ما لم يوجب لهما عليه؟.
قلت: إن الناس ذكروا أن الحديث، إنما كان بسبب " زيد بن حارثة " لشئ جرى بينه وبين علي، وأنكر ولاء علي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ".
قال: في أي موضع قال هذا، أليس بعد منصرفه من حجة الوداع؟ قلت:
أجل.
قال: فإن قتل " زيد بن حارثة " قبل الغدير (1) كيف رضيت لنفسك بهذا؟