إلى علي بن يقطين: " احتفظ بالدراعة، ولا تخرجها من يدك، فإن لها شأنا "، فاحتفظ علي بالدراعة، وهو لا يعرف السبب.
وبعد أيام سعى بعض الواشين إلى الرشيد، وقال له: إن ابن يقطين يعتقد في إمامة موسى بن جعفر، ويحمل إليه خمس ماله في كل سنة، وقد حمل الدراعة التي أكرمته بها، فاستشاط الرشيد غضبا، وأحضر " علي بن يقطين "، وقال له: ما فعلت بتلك الدراعة التي كسوتك بها؟.
قال: هي عندي في سقط مختوم، وقد احتفظت بها تبركا، لأنها منك، قال الرشيد: ائت بها الساعة.
وفي الحال نادى علي بن يقطين بعض غلمانه، وقال له: اذهب إلى البيت، وافتح الصندوق الفلاني تجد فيه سفطا، صفته كذا، جئني به الآن.
فلم يلبث الغلام، حتى جاء بالسفط، ووضعه بين يدي الرشيد، ففتح الرشيد السفط، ونظر إلى الدراعة كما هي، فسكن غضبه، وقال لعلي: ارددها إلى مكانها، وانصرف راشدا، فلن أصدق عليك بعدها ساعيا، وأمر له بجائزة سنية، ثم أمر أن يضرب الساعي ألف سوط، فضرب 500، ومات قبل إكمال الألف (1).
وروى الشبلنجي في نور الأبصار: قال حسان بن حاتم الأصم: قال لي شقيق البلخي: خرجت حاجا سنة ست وأربعين ومائة، فنزلت بالقادسية، فبينما أنا أنظر في مخرجهم إلى الحج وزينتهم وكثرتهم إذ نظرت إلى شاب حسن الوجه، شديد السمرة، نحيف، فوق ثيابه ثوب صوف. مشتمل بشملة وفي رجليه نعلان، وقد جاء منفردا، فقلت في نفسي: هذا الفتى من الصوفية، ويريد أن يخرج مع الناس، فيكون كلا عليهم في طريقهم، والله لأمضين إليه،