وقد احتج لذلك بأنه لا بد للأمة من إمام يقيم الدين، وينصر السنة، وينصف المظلومين من الظالمين، ويستوفي الحقوق، ويضعها مواضعها، يقول الماوردي: وهي فرض كفاية، كالجهاد وطلب العلم، فإذا قام بها من هو من أهلها سقط فرضها على كافة الناس، لأن فرضها على الكفاية، وإن لم يقم بها أحد خرج من الناس فريقان، أحدهما: أهل الاختيار، حتى يختاروا للناس إماما "، والثاني: أهل الإمامة، حتى ينتصب أحدهم للإمامة، وليس على من عدا هذين الفريقين من الأمة في تأخير الإمامة جرح ولا مأثم (1).
وقال النووي في روضته فإن لم يكن من يصلح، إلا واحد، تعينت عليه، ولزمه طلبها، إن لم يبتدوه (2).
ومن هنا تنكشف الضرورة الملحة في نصب الإمام بما ذكر من حكم العقل، ومن ثم فقد بادر الأصحاب إلى نصب الخليفة، فقالت الأنصار: منا الخليفة، واحتج المهاجرون عليهم بالقرابة، كما بادر قسم آخر من الأنصار، وقالوا: منا أمير، ومنكم أمير، وقال بنو هاشم - ويؤيدهم جمع كبير من المسلمين -: ليس لها إلا أبو حسن، الإمام علي، صاحب الوصية، وكل هذه الأقوال، إنما تكشف جميعا " عن الباعث العقلي لهم على نصب الخليفة.
هذا فضلا " عن اختلافهم كان ممن يختار الخليفة: من بني هاشم؟ أم من الأنصار؟ أم من المهاجرين؟ ولم يناقش أحد منهم ضرورة نصب الإمام، وذلك لوجود الحاجة الماسة إلى ذلك، فضلا " عن أنها ضرورة يدرك العقل مدى الحاجة الشديدة إليها.
على أن هناك من يرى أن الإمامة - أو الخلافة - ليست واجبة، وإلا ما