أبي بكر، فأهل الحديث لا يقولون ما تقوله الشيعة من أنه تأخر مخالفة للبيعة، بل يقولون: تشاغل بجمع القرآن، فهذا يدل على أنه أول من جمع القرآن، لأنه لو كان مجموعا " على أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما احتاج أن يتشاغل بجمعه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.
وفي الواقع، أننا لو رجعنا إلى كتب القراءات، وجدنا أئمة القراء يرجعون إليه، كأبي عمرو بن العلاء (689 - 770 م)، وعاصم بن أبي النجوم (المتوفى 127 ه / 745 م) وغيرهما، لأنهم يرجعون إلى أبي عبد الرحمن السلمي القارئ، وأبو عبد الرحمن كان تلميذه، وعنه أخذ القرآن، فقد صار هذا الفن من الفنون التي تنتهي إليه (1).
وهناك في العقد الفريد رواية تذهب إلى أن الذين تخلفوا عن بيعة أبي بكر: علي والعباس والزبير وسعد بن عبادة، فأما علي والعباس فقعدوا في بيت فاطمة، حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجوا من بيت فاطمة، وقال له: إن أبوا فقاتلهم، فأقبل بقبس من النار على أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة فقالت: يا ابن الخطاب، أجئت لتحرق دارنا؟ قال: نعم، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأمة، فخرج علي حتى دخل على أبي بكر فبايعه، فقال له أبو بكر: أكرهت إمارتي؟ فقال: لا، ولكني آليت أن لا أرتدي بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أحفظ القرآن، فعليه حبست نفسي (2).
على أن هناك وجها " ثالثا " يذهب أصحابه إلى أن الإمام علي لم يبايع الصديق، إلا بعد موت سيدة نساء العالمين، فاطمة الزهراء (3)، روى البخاري في صحيحه بسنده عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة: أن فاطمة عليها السلام، بنت النبي صلى الله عليه وسلم، أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من