الله سبحانه وتعالى هو مفيض الوجود ومعطية، ونحن بكل ما يرتبط بنا داخلون تحت سلطانه، وعلى هذا فإن خلق أفعالنا ليس مفوضا إلينا كما ليس خارجا من سلطان الله، بل إن الأفعال نحن نفعلها بتلك القدرة التي أعطانا الله، وخيرنا بين استعمالها في الخير أو في الشر، لكن بقيت القدرة مفاضة من الله تعالى ذكره، وإلى هذا أشار الإمام جعفر الصادق عليه السلام بقوله:
" لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين " (1).
ولم نجد بيانا أفضل لهذا الموضوع من خطبة أوردها العلامة الطبرسي (رض) في كتابه المسمى بالاحتجاج، لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في هذا المضمار لما فيه من شمول وتبيان واضح للعقيدة السليمة أولا، وسرد للحجة البالغة ثانيا: قال عليه الصلاة والسلام:
" لا يشمل (الله تعالى) بحد " أي لا تحده الحدود المادية ولا المنطقية المركبة من الجنس والفصل، وذات البارئ عز وجل خالية من التركب، أو من الحدود والأبعاد الهندسية لأنها من لوازم الأجسام وهو تعالى ليس بجسم.
" ولا يحسب بعد ".
إشارة إلى أن الله تعالى واجب الوجود ليس له مماثل فهو لا يتعدد.
" وإنما تحد الأدوات نفسها ".
لأنها من الأجسام، والأجسام مشمولة للحدود والأبعاد الهندسية.
" وتشير الآلات إلى نظائرها ".