لأنها محدودة، والمحدود قابل للتعدد، ويحتمل وجود الشبيه والمثيل، وبهذا يكون مشيرا إلى مثله الممكن.
" لا تجري عليه الحركة والسكون وكيف يجري عليه ما هو أجراه ".
وهذا من أبلغ الكلام واضحه، فهو عليه السلام قد دلنا على أن الله سبحانه لو كان يجري عليه ما صنع لكان خاضعا لخلقه، وبذلك لا يكون إلها، وبما أنه خلق الحركة والسكون وابتدأهما، فكيف يصح أن يجري عليه ما هو برأه وخلقه وهذا ما عناه بقوله:
" ويعود إليه ما هو أبدأه ".
ثم أنه عليه السلام تطرق إلى حقيقة أخرى وهي أنه إذا كان الله محدودا فإنه لا بد وأن له أمام ووراء، ولكان ناقصا، وأذن لطلب التمام تبع لسنة الخلق الذي يسعى إلى الكمال لنقصانه، واعتماده على غيره، وهو الله تعالى.
فإذن المحدودية تلازم النقصان والنقصان يتطلب السعي وراء الكمال لتحصيله، والكمال يحصل من الأكمل، فلا بد أن يكون إذن من هو أكمل من الله، وهذا محال.
أضف إلى ذلك أن المحدود الناقص إذا سعى وراء الأكمل فلا بد في النهاية من أن يكون مصنوعا لشئ، والمصنوع يدل على الصانع وقدرته وعبقريته، فإذا كان الله جسما، فإنه محدود والمحدود كما قلنا ناقص، وبما أن الناقص مصنوع، فإن الله يكون - لو كان جسما - دالا، وآية على غيره، وهذا ما يخالف الحق، ويتعارض مع الواقع وينافي تنزيه البارئ جل ذكره.