يفهم من قرينة الكلام السابق، وهو من قبيل: غروب الشمس جلب إليكم الظلمة، إذ لا يفهم أحد أن غروب الشمس قد أحضر الظلمة بنفسه بما هو موجود خارجي، بل إن المعنى الظاهر من هذا الكلام هو أنه بما أن الشمس قد غربت كانت النتيجة الطبيعية لغروبها مجئ الظلمة.
وبعبارة أخرى: أن المسيح لا يرسل المعزي، بعنوان أن المسيح هو المرسل والمعزي رسول المسيح (ع)، بل المعنى هو أن ذهاب عيسى (ع) شرط لمجئ المعزي. وبذلك نستنتج أن المعزي مرسل في زمان لاحق للزمان الذي أرسل فيه عيسى (ع)، وأما من هو المرسل فهذا ما يجيبنا الإنجيل عليه حين يقول:
" وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الأب باسمي فهو يعلمكم كل شئ ويذكركم بكل ما قلته لكم ".
(يوحنا 14: 26).
فرئيس العالم إذا هو نفسه المعزي الذي بشر المسيح (ع) بمجيئه، وهو أعلى درجة من المسيح (ع) لأنه أولا وصفه برئيس العالم، هو رسول الله كما أثبتنا، فهو ليس بالله تعالى، وهو كما قلنا ليس: بروح القدس، ولا يمكن أن يكون روح القدس، لأن روح القدس ليس برئيس العالم.
ومن الملاحظ هنا أن المسيح (ع) قد صرح أنه عندما يجئ المعزي - رئيس العالم - فإنه لن يكون المسيح (ع) في هذا العالم شئ، أي بقية من رسالته الأصلية، أو أتباع حقيقيين، ولذلك يتبع كلامه هذا بإعلان أنه قد فعل ولا زال آنئذ يفعل ما أمره وأوصاه به الله تعالى، ولا