(1) أشدها وأعظمها، أن يكون مقصودة التمكن من معصية (كأن يظهر الحكمة على سبيل الوعظ وقصده التحبب إلى امرأة أو غلام)!
(2) أن يكون غرضه نيل حظ مباح من حظوظ الدنيا (كالذي يشتغل بالوعظ، لتبذل له الأموال)!
(3) أن يظهر عبادته خوفا من أن ينظر إليه بعين النقص ولا يعد من الخاصة، ويعتقد أنه من جملة العامة (كالذي يدعى إلى طعام فيمتنع، ليظن أنه صائم)!
وإذا عقد العبد العبادة على الإخلاص، ثم ورد عليه بعد الفراغ سرور مجرد بالظهور من غير إظهار، فهذا لا يفسد العمل.
والأصل في الإخلاص استواء السريرة والعلانية، ولا يخلو الإنسان عن ذنوب بقلبه أو بجوارحه، وهو يخفيها ويكره اطلاع الناس عليها، لا سيما ما تختلج به الخواطر في الشهوات والأماني، والله مطلع على جميع ذلك، فإرادة العبد لإخفائها ربما يظن أنه رياء محظور، وليس كذلك بل المحظور أن يستر ذلك، ليرى الناس أنه ورع خائف من الله تعالى، مع أنه ليس كذلك.
ومن الناس من يترك العمل خوفا من أن يكون مرائيا به، وذلك غلط وموافقة للشيطان (1)!
ولما كان الله تعالى قد قال في كتابه العزيز " كلوا من الطيبات، واعلموا صالحا "، فيجب أن لا يقتصر الإنسان على اجتناب الحرام، بل يتقي مواقع الشبهات، بأن يستفتي قلبه، تبعا للحديث الشريف " استفت قلبك، وإن أفتوك وأفتوك "، ومن لم يثق بقلب نفسه، فليلتمس النور بقلب العالم الموفق المراقب لدقائق الأحوال (2) "!