الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٣٥٥
الذي لما فقد الله بالخطيئة، لأنه يعيش باللذة، ولما لم يعد قادرا على الابتهاج بالله المحتجب عنه، أحاط نفسه بالأشياء العالمية التي يحسبها خيره وكلما رأى نفسه محروما من الله، ازداد قوة، وهكذا، فإن تجدد الخاطئ إنما هو من الله الذي ينعم عليه فيتوب (1) "، " وجب على الإنسان أن يحب ويحفظ ما لا نهاية له!
فليتحول بخل الإنسان إذا إلى صدقة، موزعا بالعدل ما قاله بالظلم، وليكن على انتباه حتى لا تعرف اليد اليسرى ما تفعله اليد اليمنى، لأن المرائين إذا تصدقوا يحبون أن ينظرهم ويمدحهم العالم، ولكن الحق أنهم مغرورون لأن من يشتغل بالإنسان، فمنه يأخذ أجره، فإذا نال إنسان شيئا من الله، وجب عليه أن يخدم الله، وتوخوا متى تصدقتم أن تحسبوا أنكم تعطون الله كل شئ وحبا في الله، فلا تبطئوا في العطاء، وأعطوا خير ما عندكم، حبا في الله (2) "!
" لو كان للعالم عقل سليم، لم يجمع أحد شيئا لنفسه، بل كان كل شئ شركة، ولكن بهذا يعلم جنونه، إنه كلما جمع، زاد رغبة، وإن ما يجمعه، فإنما يجمعه لراحة الآخرين الجسدية، فليكفكم إذا ثوب واحد، ارموا كيسكم، لا تحملوا مزودا ولا حذاء في أرجلكم، لا تفكروا قائلين ماذا يحدث لنا، بل فكروا أن تفعلوا إرادة الله، وهو يقدم لكم حاجتكم، حتى لا تكونوا في حاجة إلى شئ، الحق أقول لكم إن الجمع كثيرا في هذه الحياة، يكون شهادة أكيدة على عدم وجود شئ يؤخذ في الحياة الأخرى (3) ".
" أحرسوا مشاعركم واحرسوا قلوبكم، لأن الله لا يوجد خارجا عنا في هذا العالم الذي يكرهه! على من يريدون أن يعملوا أعمالا صالحة، أن يلاحظوا

(1) راجع ص 186 و 187 من إنجيل برنابا.
(2) راجع ص 191 من إنجيل برنابا.
(3) راجع ص 35 و 36 من إنجيل برنابا. وهذا من الزهد الذي دعا إليه السيد المسيح، إذ كان قومه الذين بعث إليهم وهم اليهود، منهمكين حتى كهنتهم في جمع المال، ولا يهمهم السبيل الموصل إليه، فندد بالأغنياء والذين يكنزون المال ووعظهم بوجوب توزيع أموالهم على الفقراء، وعزز كلمة الفقراء واختلط بهم، فوضع بذلك أساس الاشتراكية الصحيحة، وأمر بالتعاضد والتعاون، دفعا للأنانية المفرطة فيهم.
(٣٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 ... » »»