الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٣٥٦
أنفسهم، لأنه لا يجدي المرء نفعا، أن يربح كل العالم ويخسر نفسه.. على من يطلبون الله، أن يهربوا من محادثة البشر.. عليه متى مشى أن لا ينظر إلا إلى قدميه! عليه متى تكلم أن لا يقول إلا ما كان ضروريا! عليهم متى أكلوا أن يقوموا عن المائدة وهم دون الشبع مفكرين كل يوم أنهم لا يبلغون اليوم التالي!
ليكن ثوب واحد من جلد الحيوانات كافيا! على كتلة التراب أن ينام على الأديم! ليكف كل يوم ساعتان من النوم! وعليه أن لا يبغض أحدا إلا نفسه!
عليهم أن يكونوا واقفين أثناء الصلاة بخوف كأنهم أمام الدينونة الآتية!
بهذه الطريقة، تجدون الله! إنكم ستشعرون في كل زمان ومكان أنكم في الله وأن الله فيكم (1) " " إذا سر العالم فاحزنوا، لأن مسرة العالم تنقلب بكاء، أما حزنكم فسيتحول فرحا، لن ينزع فرحكم منكم أحد، لأن العالم بأسره لا يقدر أن ينزع الفرح الذي يشعر به القلب بالله خالقه (2) "!
(ب) مراقبة الله في الصبر والشكر:
يقول الغزالي إن الصبر عبارة عن ثبات باعث الدين في مقابلة باعث الشهوة (والهوى والكسل)، فإن ثبت حتى قهره، واستمر على مخالفة الشهوة، فقد نصر حزب الله والتحق بالصابرين، ويقول إن جميع ما يلقى العبد في هذه الحياة، لا يخلو من نوعين:
(1) ما يوافق هواه: وهو الصحة والمال والجاه وكثرة الأتباع والأنصار وجميع ملاذ الدنيا.
(2) ما لا يوافق هواه: وهو ما يرتبط باختياره كالطاعات والمعاصي،

(1) راجع ص 224 و 225 من إنجيل برنابا: وهذا من الزهد الذي كان يدعو إليه المسيح عليه السلام، وهو يدعو هنا إلى الفناء في الله من شدة حبه وطاعته.
(2) راجع ص 308 من إنجيل برنابا.
(٣٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 ... » »»