وأما آفات المال، فدينية ودنيوية، أما الدينية: فإن تجر إلى المعاصي وارتكاب الفجور (فإن الشهوات متفاضلة، والعجز قد يحول بين المرء والمعصية)، ومن العصمة أن لا يجد، وأنه يجر إلى التنعم في المباحات، وربما لا يقدر على التوصل إليه بالكسب الحلال، فيقتحم الشبهات ويخوض في المراءاة والمداهنة والكذب والنفاق وسائر الأخلاق الرديئة، لينتظم له أمر دنياه ويتيسر له تنعمه، وأنه يلهيه إصلاح ماله عن ذكر الله تعالى، وكل ما شغل العبد عن الله تعالى فهو خسران، فإن أصل العبادات وسرها ذكر الله والتفكر في جلاله، وذلك يستدعي قلبا فارغا.
فإن كان الإنسان فقيرا، فينبغي أن يكون قانعا، منقطع الطمع عن الخلق غير ملتفت إلى ما في أيديهم، ولا حريصا على اكتساب المال كيف كان، بالتدنس بالمنكرات، ولا يمكنه ذلك إلا بأن يقنع بقدر الضرورة من المطعم والملبس والمسكن، ويرد أمله إلى يومه أو إلى شهره!
وعلاج هذا، العمل بالاقتصاد في المعيشة والرفق في الإنفاق، وإذا تيسر له ما يكفيه، فلا ينبغي أن يكون شديد الاضطراب لأجل المستقبل، ويعينه على ذلك قصر الأمل والتحقق بأن الرزق الذي قدر له لا بد وأن يأتيه، وأن يعرف ما في القناعة من عز الاستغناء، وما في الحرص والطمع من الذل، وأن يخير عقله بين أن يكون على مشابهة أراذل الناس أو على الاقتداء بالأنبياء أعز أصناف الخلق عند الله! وإن كان المال موجودا، فينبغي أن يكون حاله الإيثار والسخاء واصطناع المعروف والتباعد عن البخل (1)!
* * * وجاء في إنجيل برنابا " من المحال أن ينال البخيل خيرا في الجنة.. إن البخيل يصرف كل ماله على ملذته الخاصة، غير ناظر إلى بدايته أو نهايته.. يجعل البخيل نفسه إلها على الثروة التي وهبها إياه الله! البخل هو عطش الحس،