الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٣٥٠
(1) مراقبة الله في الدنيا:
الجاه والمال، هما ركنا الدنيا، ومعنى المال ملك الأعيان المنتفع بها، ومعنى الجاه قيام المنزلة في قلوب الناس، أي اعتقاد القلوب لنعت من نعوت الكمال فيه (ولو لم يكن كما لا في نفسه)!
والغزالي لا يرى الكمال الحقيقي إلا العلم (بمعرفة الله) والحرية (بإخلاص من أسر الشهوات وغموم الدنيا وغموم الدنيا والاستيلاء عليها بالقهر)، والبعد عن التأثر بالعوارض، ليقرب إلى الله تعالى، وتعظم منزلته عنده، ويتشبه بالملائكة!
ولذا نراه يذم الجاه بمعناه المفهوم، ويقول إن حكم الجاه الأموال، عرض من أعراض الحياة الدنيا، وينقطع بالموت كالمال، ويذم حبهما لأعيانهما فيما يجاوز ضرورة البدن وحاجته (ويباح طلب المنزلة بصفة هو متصف بها، أو بإخفاء عيب من عيوبه، حتى لا يعلم، لأنه صادق في الأول، ساتر للقبيح في الثاني، ويرى أن لحب المدح والتذاذ القلب به، ثلاثة أسباب:
(1) شعور النفس بالكمال: ويقول إن طريق العلاج، أن ترجع إلى الصفة التي يمدحك بها، فإن كان من الأعراض الدنيوية (كالثروة والجاه) فمن قلة العقل الفرح بها، لأنها عروض زائلة، وإن فرح فلا ينبغي أن يفرح بمدح المادح بل بوجودها، وإن كانت الصفة مما يستحق الفرح بها (كالورع والعلم)، فإن كنت تفرح بها على رجاء حسن الخاتمة، فينبغي أن يكون فرحك بفضل الله عليك، لا بمدح المادح، وإن كانت الصفة التي مدحت بها، أنت خال عنها، ففرحك بالمدح غاية الجنون، إذ هو إما استهزاء بك أو غاية الجهل!
(2) أن المدح يدل على أن قلب المادح مملوك للمدوح وأنه مريد له ومعتقد فيه: ومعالجة هذا السبب، بأن تعلم أن طلبك المنزلة في قلوب الناس وفرحك به، يسقط منزلتك عند الله، فكيف تفرح به؟
(3) أن حشمة الممدوح التي تضطر المادح إلى إطلاق اللسان بالثناء إما عن طوع وإما عن قهر، ترجع أيضا إلى قدرة عارضة لا ثبات لها
(٣٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 ... » »»