في الظلم، وربما تحضر نية في الانتصار دون العفو، فيكون ذلك أفضل)!
والباعث النفسي، إما أن يكون مثل الباعث الديني أو أقوى منه أو أضعف، والإخلاص تخليص العمل عن هذه الشوائب كلها، قليلها وكثيرة، حتى يتجرد فيه قصد التقرب، فلا يكون فيه باعث سواه، وهذا لا يتصور إلا من محب لله مستغرق الهم بالآخرة، بحيث لم يبق لحب الدنيا في قلبه قرار، حتى لا يجب الأكل والشرب أيضا، بل تكون رغبة فيه كرغبته في قضاء الحاجة، من حيث أنه ضرورة الجبلة!
وأظهر مشوشات الإخلاص، الريا، والعمل إن لم يكن خالصا لوجه الله تعالى، بل امتزج به شوب من الرياء أو حظوظ النفس، كان مشوبا (ويدل ظاهر الأخبار على أنه لا ثواب له)، فإذا كان لم يرد به إلا الرياء، فهو سبب المقت والعقاب، أما الخالص لوجه الله تعالى، فهو سبب الثواب.
ويرى الغزالي أن ينظر إلى قدر قوة الباعث، فإن كان الباعث الديني مساويا للباعث النفسي، صار العمل لا له ولا عليه، وإن كان باعث الرياء أغلب وأقوى، فهو مضر ومفض للعقاب الأقل من عقاب العمل الذي تجرد للرياء ولم تمتزج به شائبة التقرب، وإن كان قصد التقرب أغلب بالإضافة إلى الباعث الآخر، فله ثواب بقدر ما فضل من قوة الباعث الديني، فلا ينبغي أن يضيع قصد الخير (1)!
* * * وجاء في إنجيل برنابا " على الإنسان أن يحتذي مثال الصيرفي الذي يتحرى النقود، ممتحنا أفكاره، لكيلا يخطئ إلى خالقه "، " لا يمكن ارتكاب الخطيئة بدون فكر.. الشيطان إذا زرع الخطيئة، لا يقف عند العين أو الأذن بل يتعدى إلى القلب الذي هو مستقر الله.. فبالحري يجب عليكم ألا تبيحوا للشيطان أن يدخل قلوبكم أو يضع أفكاره فيها (2) "، " سبق الاصطفاء لا يكون