الحقائق الإسلامية في الرد على المزاعم الوهابية - حاج مالك بن الشيخ داود - الصفحة ٥٩
ومن هنا نعرف أن السنية لا تكون في زي خاص ولا في هيئة معينة، بل هي أشرف من أن تتستر في مثل تلك الأماكن التي إن هي إلا حبائل يصطاد بها ضعفاء العقول والعقيدة. وفي الحديث: (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أقوالكم ولكن ينظر إلى ما في قلوبكم وأعمالكم) رواه الطبراني هذا وقد نفهم من خلال هذا الحديث الشريف إن هذه الشعارات الإيهامية التي يعتمد عليها بعض دعاة الوهابية والتي تتمثل في توفير اللحية ولبس البيض والتغطي بالعمامة وما إلى ذلك لا تكفي بأن تكون تعريفا كافيا للسني الحقيقي وهم - مع الأسف - قد أخطأوا في تقدير السنية حيث قيدوها في نوعية اللباس وفي ظاهر الهيئات.
وإنما يعرف السني بظواهر تقوى الله في السر والعلانية وبامتثال الأوامر و اجتناب النواهي وبالصدق في القول والإخلاص في العمل وبالقيام بوظائف العبادات من الفرائض والسنن والنوافل وأدائها كاملة غير منقوصة.
ويعرف السني كذلك بالتخلي عن الأوصاف الذميمة والأحوال الوضيعة و التحلي به بمحاسن الصفات ومكارم الأخلاق.
فمن شأن السني أن يدعو الناس إلى دين الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة و يجادلهم بالتي هي أحسن. كما من شأنه أن لا يكون سبابا ولا لعانا ولا فظا غليظا ولكن هينا لينا يعفو ويصفح ويبشر ولا ينفر اقتداء بالرسول الكريم القائل " لم أرسل سبابا ولا لعانا " والذي قيل عنه: (ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر * آل عمران: 159) والسني - بعبارة أوجز - هو من وضع قدمه على قدم الرسول صلى الله عليه وسلم بحيث تكون أقواله وأفعاله مطابقة لأقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم يصدق لسان حاله لسان مقاله ويكون متصفا بمكارم الأخلاق في سائر أحواله السرية والجهرية وفي جميع تصرفاته ومعاملاته مع الناس.
والسني لا يتجاهر بسنيته ولا يتفاخر بها بل يخفيها قدر الامكان خوفا من الابتلاء وجريا على عادة السنيين الحقيقيين. ويكون السني مجتنبا الكذب والغيبة و النميمة عازلا عن حب هذه الدنيا الفانية وما فيها من الشهوات النفسانية راضيا القضاء
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»