رجاؤنا. وقد ذكر العلامة ابن حجر [1] في كتابه المسمى بالخيرات الحسان أن الإمام الشافعي كان يتوسل بالإمام أبي حنيفة رضي الله عنهما وقد ثبت أيضا أن الإمام أحمد بن حنبل كان يتوسل بالإمام الشافعي وقد صح أن الشافعي رضي الله عنه توسل بأهل البيت النبوي بأبيات قال فيها:
" آل النبي ذريعتي * أرجو بهم أعطى غدا هم إليه وسيلتي * بيدي اليمين صحيفتي " فكل هذه توسلات صريحة صدرت بعضها عن رسول الله عليه وسلم وبعضها عن أصحابه الكرام وعن الأئمة المجتهدين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وليس في ذلك كفر ولا إشراك ومن تتبع أذكار السلف الصالحين وأدعيتهم وأورادهم وجد فيها شيئا كثيرا من التوسل ولم ينكر عليهم أحد في ذلك حتى جاء هؤلاء المنكرون الذين عمدوا إلى تحريمه وتوصلوا بذلك إلى تكفير أكثر الأمة من العلماء والعباد والزهاد وقالوا إنهم مثل أولئك المشركين الذين قالوا (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى * الزمر: 3) " سبحانك هذا بهتان عظيم! " وحاصل شبهة هؤلاء المانعين للتوسل أنهم رأوا بعض العامة يأتون بألفاظ توهم أنهم يعتقدون التأثير لغير الله تعالى ويطلبون من الأولياء - أحياء وأمواتا - أشياء جرت العادة بأنها لا تطلب إلا من الله تعالى ويقولون للولي مثلا: افعل لي كذا وكذا أو نجني من كذا وكذا فأراد هؤلاء المانعون للتوسل أن يمنعوا العامة من تلك التوسعات دفعا للإيهام وسدا للذريعة.
نعم نحن نوافق مع هؤلاء المانعين في ناحية ونؤيدهم على منع العامة من تلك التوسعات المتطرفة ونقف بجانبهم في سد ذرائع الفساد ودفع الايهام. ولكن من ناحية أخرى نقول لهم:
إذا كان الأمر كذلك وقصدكم سد الذريعة فما الحامل لكم على تكفير الأمة عالمهم وجاهلهم؟ وما الحامل لكم على منع التوسل مطلقا؟ بل كان ينبغي لكم أن تمنعوا