الحقائق الإسلامية في الرد على المزاعم الوهابية - حاج مالك بن الشيخ داود - الصفحة ٢٣
والوهابيون - في هذا التأويل البعيد - معذورون من حيث الخطأ في فهم معنى كلمة " الدعاء " التي تأتي حينا بمعنى العبادة وأحيانا بمعنى النداء وظنوا أن هذه الكلمة في جميع هذه الآيات وما أشبهها معناها النداء لا غير. ولذلك يحرمون نداء غير الله كما تحرم العبادة من دونه تعالى. وحيث ذهبوا هذا المذهب ووقفوا عند هذا الحد فهم مقصرون عن إدراك كنه هذه الكلمة لغة واصطلاحا فيجب أن نعذر لهم أو ننذرهم.
وكلمة الدعاء في اللغة العربية لفظ مشترك بين عدة معان:
منها: العبادة كقوله تعالى: (أن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا * الجن: 18) ومنها: النسبة كقوله تعالى: (ادعوهم لآبائهم * الأحزاب: 5) أي انسبوهم إليهم و منها: النداء كقوله تعالى: (وادعوا شهداءكم من دون الله * البقرة: 23) أي نادوهم ومنها: السؤال كقوله تعالى: (ادعوني أستجب لكم * المؤمن: 60) أي اسألوني ومنها: الدعوة إلى الشئ كقوله تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة * النحل: 125) الآية ومنها التمني كقوله تعالى: (ولهم ما يدعون * يس: 57) ومنها: القول كقوله تعالى: (دعواهم فيها سبحانك اللهم * يونس: 10) ومنها: التسمية كقوله تعالى: (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا * النور: 63) وليس في القرآن الكريم ولا في اللغة العربية إن كلمة الدعاء تأتي بمعنى التوسل و قد تحقق أن معنى التوسل غير معنى العبادة لغة وشرعا. ولا سبيل إذا إلى تكفير المسلمين المتوسلين بجاه الصالحين بالقياسات الفاسدة ا ه‍ فتأمل.
وكلمة " الدعاء " في جميع هذه الآيات الآنفة الذكر وما أشبهها معناها العبادة لا النداء.
ولا يخفى أن نداء غير الله تعالى كنداء الإنسان حيا أو ميتا يجوز شرعا وضروري أيضا لتعلقه على الحوائج الشرعية والمعاملات الدينية والدنيوية وقد جاء نداء الأموات من الأحاديث الواردة في زيارة القبور كقول الزائر: (السلام عليكم يا أهل القبور السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) ففي هذا النداء للأموات
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»