الذين اصطفينا من عبادنا * فاطر: 32) ولكن هذا الابتعاد لا يخرج المسلم المقصر عن دائرة الإسلام ما دام يدين بالولاء لهذا الدين الحنيف وينتسب إليه فإذا صدر من المسلم بعض الأقوال أو التصرفات مما يدل ظاهرها على الكفر وهو لم يرد بها تغيير إسلامه ولا ارتداد عن دينه فلا يحكم عليه بالكفر ولا بالردة ومهما تورط المسلم في المآثم واقترف من جرائم فهو مسلم، لا يجوز اتهامه بالردة أو الكفر وقد روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: (من شهد أن لا إله إلا الله واستقبل قبلتنا وصلى صلاتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم له ما للمسلم وعليه ما على المسلم) وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين من أن يقذف بعضهم بعضا بالكفر لعظم خطر هذه الجناية وقال فيما رواه مسلم عن ابن عمر: (إذا كفر الرجل أخاه فقد باء به أحدهما) ولا يعتبر المسلم خارجا عن الإسلام ولا يحكم عليه بالردة إلا إذا انشرح صدره بالكفر واطمأن به قلبه ودخل فيه بالفعل لقوله تعالى: (ولكن من شرح بالكفر صدرا * النحل: 106) ويقول الرسول عليه السلام: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) ومذهب أهل السنة والجماعة التحاشي عن تكفير كل من انتسب للإسلام حتى أنهم كانوا يكفون عن تكفير أئمة أهل البدع مع الأمر بقتلهم وذلك دفعا لضررهم لا لكفرهم.
هذا ولما كان ما في القلب غيبا من الغيوب التي لا يعلمها إلا الله تعالى وحده كان ولا بد من الكف عن تكفير المسلم حتى يصدر منه ما يدل على كفره دلالة قطعية لا تحتمل التأويل.
وقد نسب إلى الإمام مالك رضي الله عنه أنه قال: من صدر عنه ما يحتمل الكفر من تسعة وتسعين وجها ويحتمل الإيمان من وجه واحد حمل أمره إلى الإيمان.
فالشرك هو الكفر باللفظ والمعنى وبالجملة والتفصيل وهما ضد التوحيد المقرر من أصل الأديان السماوية عامة. ومن أصل هذا الدين الإسلامي خاصة. بشهادة الله في كتابه العزيز حيث يقول تعالى: (شهد الله أنه لا إله إلا هو * آل عمران: 18) فالمشرك بالله هو الكافر به الجاحد بوحدانيته المكذب بالأنبياء والرسل وبما جاؤوا به