الحقائق الإسلامية في الرد على المزاعم الوهابية - حاج مالك بن الشيخ داود - الصفحة ٢٩
التأثير من أحد غير الله تعالى شرك لا محالة.
نعم قد يكون هذا الرأي الخاطئ وهو الآخر من جملة أوهامهم التي خالفوا بها الاجماع. ولكن لو استسلمنا بحكم هذه القاعدة فلسوف نجد أن ظاهر الصلاة والصيام و النطق بالشهادتين يدل هو أيضا على الإيمان بالله والتصديق بما جاء به الرسول الكريم. و إذن فما بال هؤلاء الوهابيين الذين قرروا أن يكفروا المسلمين بظاهر النداء، وقد عجزوا أن يعترفوا لهم الإسلام بظاهر الصلاة والصوم والنطق بالشهادتين. فهل هذا - إن صح التعبير - إلا نوع من الجمود. أو أثر من آثار الجهل الذي هو أشد من الكفر...
وخلاصة الكلام: فإن المحظور شرعا في التوسل هو اعتقاد التأثير من أحد غير الله تعالى كائنا من كان وهو شرك اتفاقا سواء كان ذلك الاعتقاد في نبي أو ولي أو صالح أو حيوان أو جماد أو في أي شئ كائن ما كان وأما من لم يعتقد التأثير في أحد غير الله تعالى فلا إثم عليه وليس في مجرد التوسل والاستغاثة بالأنبياء والصالحين ضرر ما دام الاعتقاد سالما.
أما محبة أولياء الله تعالى والصالحين وصحبتهم لله والتصدر لخدمتهم والتأدب لهم والتبرك بهم فكلها جائز لا يمنعها الشرع بل يأمر بها ويحث عليها لأنها من أعمال البر الموجبة للفوز والسعادة في الدارين. ولا ينكر ذلك منكر لثبوتها بالأدلة العقلية والنقلية المتواترة. وأصدقها قصة كلب أهل الكهف الوارد ذكرها في القرآن الكريم... وإن شئت فاقرأ قوله تعالى: (أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا * الكهف: 9) فإن هذا الكلب لم يصل إلى هذه المرتبة إلا بصحبة الصالحين ومحبتهم لقد أحسن من قال:
" واختر من الإخوان كل مهتد * " وصحبة الأخيار للقلب دوآ إن القرين بالقرين يقتدى " * تزيد في المرء نشاطا وقوى " وأخيرا نحتم هذا الموضوع بتحذير أولئك الذين يكفرون المتوسلين والمستغيثين بالأنبياء والصالحين أن يكفوا عن ذلك لأنه قد يفضيهم إلى ارتكاب الذنوب ويؤدي إلى
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»