إلى تكذيبها وتكذيب ناقليها بمجرد الوهم والخيال من غير دليل إلا مجرد شئ في نفسه، وقد ذكر القاضي عياض إسنادها وهو إسناد جيد، وتكلم المحقق على رجال إسنادها واحدا واحدا، ثم قال: فانظر إلى هذا الحكاية وثقة رواتها وموافقتها لما رواه ابن وهب عن مالك، وحسبك ابن وهب، فقد قيل كان الناس بالمدينة يختلفون في الشئ عن مالك فينتظرون قدوم ابن وهب حتى يسألوه عنه ولنا ههنا طرق:
(إحداها) الأخذ برواية ابن وهب فقط.
(الثانية) الاعتراف بالروايتين وإن هذا ليس من الاختلاف في حلال وحرام ولا في مكروه فإن استقبال القبلة حسن واستقبال القبر حسن إ ه.
قلت: قال الزرقاني في شرح المواهب: إذا سلكنا مسلك الترجيح على طريقة المحدثين جزمنا بتقديم رواية ابن وهب لاتصالها ومذهب المالكية عليها، على رواية القاضي إسماعيل في مبسوطه لأنه لم يدرك مالكا فهي منقطعة إ ه.
قال المحقق:
(الثالثة) لو ثبت له ما زعمه من استقبال القبلة خاصة وعدم استقبال القبر عند الدعاء فأي شئ يلزم من ذلك وهل لهذا مدخل في الزيارة؟، وقد طالعت عدة كتب من كتب المالكية فلم أر فيها عن أحد المنع من استقبال القبر في الدعاء ولا كراهة ذلك ولا أنه خلاف الأولى، والذي ادعى ابن تيمية أنه مذهب مالك ومذهب جميع العلماء في أنه إذا سلم مستقبل القبر وأراد الدعاء استدبر القبر ولأجله رد الحكاية المذكورة عنه لم نقله في شئ من كتب المالكية ولا من كتب غيرهم، وقد قدمت في الباب الرابع من كلام المالكية في الزيارة جملة وبقيت جملة أذكرها ههنا إ ه.
ونقل عن أربعة من أعيان المالكية ما ينطبق على رواية ابن وهب، ابن حبيب، وابن يونس، واللخمي، وابن بشير، ثم ختم المحقق هذا الباب بقوله: ولو ثبت عن مالك وعن غيره أن الأولى استقبال القبلة في الدعاء لا القبر لم يكن في ذلك شئ من منع الزيارة ولا السفر ولا مانعا من تعظيم القبر ومن اعتقد ذلك فقد ضل، وكل ما ذكره بعد ذلك تقدم الجواب عنه وأنه لا يدل على مقصوده إ ه.
قلت والحكاية التي زعم ابن تيمية أنها مكذوبة على مالك وأن مذهبه بخلافها، هي