أن أمير المؤمنين أبا جعفر المنصور العباسي ناظر مالكا في مسجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال مالك يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد فإن الله تعالى أدب قوما فقال: (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي الآية) ومدح قوما فقال:
(إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله الآية) وذم قوما فقال: (إن الذين ينادونك الآية)، وإن حرمته ميتا كحرمته حيا فاستكان لها أبو جعفر وقال يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو أم استقبل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله تعالى يوم القيامة بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله قال الله تعالى: (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم الآية) إ ه.
قال الزرقاني والحكاية رواها أبو الحسن علي ابن فهر في كتابه " فضائل مالك " ومن طريقه الحافظ أبو الفضل عياض في " الشفاء بإسناد لا بأس به بل قيل إنه صحيح، فمن أين أنها كذب وليس في روايتها كذاب ولا وضاع؟ ولكنه لما ابتدع له مذهبا، وهو عدم تعظيم القبور ما كانت وإنها إنما تزار للاعتبار والترحم بشرط أن لا يشد إليها رحل، صار كل ما خالف ما ابتدعه بفاسد عقله عنده كالصائل لا يبالي بما يدفعه فإذا لم يجد له شبهة واهية يدفعه بها = بزعمه = انتقل إلى دعوى أنه كذب على من نسب إليه، مباهتة ومجازفة.
وقد أنصف من قال فيه: علمه أكبر من عقله.
وكتب المالكية طافحة باستحباب الدعاء عند القبر الشريف مستقبلا له مستدبر القبلة، وممن نص على ذلك منهم أبو الحسن القابسي وأبو بكر بن عبد الرحمن والعلامة خليل بن إسحاق في مناسكه إ ه.
قلت: فاستقبال القبر الشريف في السلام والدعاء متفق عليه بين الأئمة الأربعة وأتباعهم، فقول ابن تيمية: وأما وقت السلام عليه فقال أبو حنيفة رحمه الله يستقبل القبلة أيضا، الذي سلمه له المحقق بقوله: هو كذلك ذكره أبو الليث السمرقندي في الفتاوى عطفا على حكاية حكاها الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى.
وقال السروجي الحنفي: يقف عندنا مستقبل القبلة، قال الكرماني وعن أصحاب