من كساها من ملوك الترك الظاهر بيبرس صاحب مصر (انتهى) " وفي تاريخ مكة " لقطب الدين الحنفي عن الأزرقي بسنده عن ابن مليكة قال كان يهدى للكعبة هدايا شتى فإذا بلي منها شئ جعل فوقه ثوب آخر ولا ينزع مما عليها شئ وكانت قريش في الجاهلية ترافد في كسوة البيت فيضربون على القبائل بقدر احتمالهم من عهد قصي بن كلاب حتى نشأ أبو ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن مخزوم وكان مثريا يتجر في المال فقال لقريش أنا أكسو الكعبة وحدي سنة وجميع قريش سنة وكان يفعل ذلك إلى أن مات فسمته قريش العدل لأنه عدل قريشا وحده في كسوة البيت وقيل لبنيه بنو العدل (وقال أيضا) أخبرني محمد بن يحيى عن الواقدي عن إسماعيل بن إبراهيم بن أبي حبيشة عن أبيه قال كسى النبي (ص) البيت الثياب اليمانية ثم كساه عمر وعثمان القباطي وكان يكسى كل سنة كسوتين أولا الديباج يوم التروية والثانية القباطي يوم السابع والعشرين من شهر رمضان فلما كانت خلافة المأمون أمر أن تكسى ثلاث مرات الديباج الأحمر يوم التروية والقباطي أول رجب والديباج الأبيض في عيد الفطر واستمر الحال على هذا كل دولة بني العباس ثم صارت كسوة الكعبة تأتي تارة من سلاطين مصر وتارة من سلاطين اليمن إلى أن اشترى الملك الصالح ابن الملك الناصر قلاوون قريتين بمصر ووقفهما على كسوة الكعبة وهما بيسوس وسندبيس واستمرت سلاطين مصر ترسل كسوة الكعبة في كل عام وعند تجدد كل سلطان يرسل مع الكسوة السوداء كسوة حمراء لداخل البيت وكسوة خضراء للحجرة الشريفة النبوية مكتوب على الكل كلمة الشهادتين فلما فتح السلطان سليم مصر والشام جهزت كسوة المدينة على العادة وأمر باستمرار كسوة الكعبة على المعتاد ثم خربت القريتان الموقوفتان على كسوة الكعبة ولم يف ريعهما بها فأمر أن تكمل من الخزائن السلطانية ثم أضاف إلى القريتين قرى أخرى ووقفها (انتهى).
وأما كسوة الحجرة الشريفة النبوية ففي وفاء الوفا للسمهودي بعد ما ذكر تأزيرها بالرخام وعمل الشباك المتخذ من خشب الصندل بأعلى جدارها حكى عن ابن النجار أنه قال ولم تزل على ذلك حتى عمل لها الحسين ابن أبي الهيجاء صهر الصالح وزير الملوك المصريين ستارة من الديبقي الأبيض وعليها الطروز والجامعات المرقومة بالإبريسم الأصفر والأحمر ونيطها وأدار عليها زنارا من الحرير الأحمر مكتوبا عليه سورة يس وغرم عليها مبلغا عظيما فمنعه أمير المدينة قاسم بن مهنا من تعليقها حتى يستأذن المستضئ العباسي