وأنه ليس ببدعة وأنه محبوب لله تعالى وأنه تعالى يحب أن يتوسل إليه عبده بأنواع الوسائل وكلها لا تخرج عن دعائه وعبادته ومن أجل ذلك جعل الله الشفاعة التي لا ينكرها الوهابية وقبلها وأذن فيها وإلا فأي حاجة له إلى الشفيع وهو أعلم بحال عبده وأرأف به وانحنى عليه من كل أحد فجعل الشفاعة كرامة للشفيع ورحمة بالمشفوع به ولأنها نوع من عبادته ودعائه والتضرع إليه فهو يحب ذلك كله سواء كان من العبد نفسه أو على لسان غيره ولذلك قبل الدعاء بلسان الغير بل جعله أرجى للإجابة. وقول صاحب الرسالة إن الإقسام على الله بمخلوق منهي عنه باتفاق العلماء جزاف من القول ولم يأت بما يثبته سوى ما نقله عن أبي حنيفة وأبي يوسف وابن عبد السلام والقدوري كأن علماء الإسلام في جميع الأعصار والأمصار انحصرت في هؤلاء الأربعة وأين فتوى الشافعي ومالك وأحمد ابن حنبل لم لم ينقلها إن كانوا موافقين وأين فتوى باقي العلماء الذين لا يحصي عددهم إلا الله هل اطلع على فتواهم فوجدهم موافقين أو لا فكيف تجرأ على دعوى اتفاقهم وكيف يدعي الاتفاق بفتوى أربعة أحدهم القدوري وابن عبد السلام وسلفه محمد بن إسماعيل الصنعاني ينكر تحقق الاجماع بعد عصر الصحابة كما مر في المقدمات. وإذا كنت تريد أن تعرف مبلغ هؤلاء من العلم والتثبت والتورع في النقل وغيره فخذ لك نموذجا من هذا وإذ عرفت أن الأقسام على الله بمخلوق لا يخرج عن التوسل به إلى الله تعالى فكان يلزم على الوهابية أن يجعلوه شركا كما جعلوا التوسل لكنهم يلقون الفتاوى جزافا ويفرقون بين المتفقات ويوافقون بين المتفرقات. والحق أنه لا كراهية ولا تحريم في ذلك بل هو راجح مستحب لأنه نوع من دعاء الله تعالى وعبادته الثابت رجحانه بعموم أدلة الدعاء ولم يثبت شئ يخرجه عن العموم بل وردت النصوص فيه بالخصوص. مثل ما مر في الفصل الثالث مما رواه الحاكم وصحح إسناده والطبراني من قول آدم عليه السلام يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي وما رواه الحاكم في الكبير والأوسط من قول رسول الله (ص) اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي. وما سيأتي قريبا من قول أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا وقد ورد في أدعية أئمة أهل البيت عليهم السلام أسألك بمعاقد العز من عرشك بكثرة وهو ينفي احتمال الكراهية كما أنه ورد في أدعيتهم عليهم السلام الإقسام على الله بالمخلوق وقد مر في الفصل الثالث وهم أحق
(٢٦٥)