ونحن نبين لك بأجلى بيان أن ما نسبه إلى المسلمين وإلى زوار قبور الأئمة والصالحين بعضه زور وبهتان وبعضه لا يستلزم الشرك ولا العصيان ليعلم الواقف عليه أي الفريقين أحق بالأمن وبتسميته بالمسلم الموحد المطيع لله ولرسوله والمتبع سنة نبيه (ص) إن كان الواقف ممن سلم من العصبية والعناد وتقليد الآباء والأجداد ولئلا يلتبس الأمر بتسميتهم لضلالهم ومحالهم توحيدا ولتعظيم من أمر الله بتعظيمه شركا وكفرا ولمخالفة السنة وإجماع المسلمين وطريقة السلف اتباعا للسنة وللسلف مع ما في ذلك من الهلاك المتناهي واستباحة الدماء والأموال التي حرمها الله تعالى عند من يعقل الحقائق. زعم أن المسلمين يحبون مع الله محبة تأله. نعم أنهم يحبون في الله ولله وبأمر الله وتلك لا تخرج عن محبة الله أما أنهم يحبون مع الله فإن أراد المعية في الوجود فلا محذور فيه وإن أراد المساواة لمحبة الله كما في قوله تعالى (ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله) فالمسلمون مبرؤن من ذلك وأين محبة المشركين للأصنام وإطاعتهم لهم المخبر عنها في الآية كما عن قتادة ومجاهد وأكثر المفسرين الذين لا يستحقون محبة ولا إطاعة أو لرؤسائهم الذين كانوا يطيعونهم كما عن السدي من محبة المسلمين للأنبياء والأولياء والصلحاء التي هي محبة لله تعالى لأمره بها في كتابه العزيز وعلى لسان نبيه الكريم (ص) بقوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى. إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا. فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم) وقرن حب رسوله (ص) بحبه في قوله (أحب إليكم من الله ورسوله) وعن أنس أن رسول الله (ص) قال (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين) أخرجه البخاري ومسلم ولابن ماجة في سننه عن العباس بن عبد المطلب قال رسول الله (ص): ما بال أقوام يتحدثون فإذا رأوا الرجل من أهل بيتي قطعوا حديثهم والله لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبهم لله ولقرابتهم مني) وقال رسول الله (ص) في علي (ع) يوم خيبر (لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) أخرجه الشيخان وقال له (يا علي حبك إيمان وبغضك نفاق) إلى غير ذلك ولا يتم الحب لله تعالى إلا بحب هؤلاء لأن حبهم من حبه تعالى لأنه عن أمره ولأن المؤمن إنما يحبهم لأنهم عباد الله المطيعون لأمره المتفانون في طاعته المجاهدون بأموالهم وأنفسهم في سبيله ولإعلاء
(١٩٥)