عليه فاستخفوا بهم " رابعتها " نسبتهم إلى الله تعالى أنه رضي لهم عبادة الملائكة.
وبذلك ظهر أن كفرهم ليس مجرد استغاثتهم بالملائكة وتشفعهم وتوسلهم بهم وستعرف أن الملائكة ممن ثبتت لهم الشفاعة باعتراف الوهابية فالمتشفع بهم ليس مخطئا فضلا عن أن يكون مشركا وكذا المتشفع بالنبي " ص " ومن جعل الله له الشفاعة فليس مخطئا فضلا عن أن يكون مشركا فكيف يقاس من يستغيث ويتشفع ويتوسل بنبي أو وصي ليشفع له إلى الله تعالى بالمشركين في عبادتهم الملائكة وكون قريش لم تكن تعتقد في الملائكة أنها تخلق وترزق وتدبر الأمر من دون الله بدليل (قل من يرزقكم من السماء والأرض إلى قوله فسيقولون الله) لا يدل على أن كفرها وشركها لتشفعها وتوسلها واستغاثتها بالملائكة لأن الشرك يكون بغير اعتقاد الخلق والرزق مما مر في صدر الكلام ولو كان الصادر منها الاستغاثة بالملائكة والتشفع بها فقط لم يكن ذلك موجبا لشركها وكفرها وأما من عبد المسيح وأمه فلم يكن منه مجرد الاستغاثة والتوسل وطلب الشفاعة قطعا بل جعل المسيح " ع " إلها مستحقا لجميع صفات الألوهية وقد أخبر الله تعالى عنهم في القرآن تارة بأنهم قالوا إن الله هو المسيح بن مريم وتارة قالوا إن الله ثالث ثلاثة المسيح أحدهم وذلك أنهم قالوا الأقانيم الثلاثة آله واحد وتارة أنهم اتخذوه وأمه إلهين من دون الله بقوله تعالى: (أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله) وتارة أن المسيح ابن الله فتسويه ابن عبد الوهاب بين من يستغيث ويتشفع ويتوسل من المسلمين إلى الله بنبي أو ولي جعل الله له الشفاعة والوسيلة وجعله مغيثا بدعائه وبين من يعبد المسيح وأمه تمويه وتضليل.
وأما قوم نوح " ع " فقد فعلوا فعل مشركي قريش من تكذيب الرسل وإنكار ما جاءت به وعبادة غير الله كما أخبر بذلك عنهم القرآن الكريم وكفى ذلك في كفرهم ولم يرد في دليل قوي ولا ضعيف إن عبادتهم لغير الله كانت مجرد التشفع والتوسل إليه بالصالحين وإنهم كانوا يقيمون جميع شرائع الدين سوى هذه وإن نوحا " ع " ما بعث إلا لينهاهم عن التوسل بالصالحين والتشفع بهم وأي كتاب أو سنة نطق بذلك. بلى أنهم قد غلوا في الصالحين وعبدوهم بما نهى الله عنه كما أخبر الله عنهم في كتابه العزيز أما إنه لم يصدر منهم إلا مثل ما يصدر من المسلمين من الاستغاثة والتوسل والتشفع بالصالحين فهو تخرص على الغيب بل افتراء محض وكذا غيرهم من أمم الأنبياء عليهم السلام وظاهر