الذي دعت إليه الرسل وأبى عن الاقرار به المشركون وهو معنى لا إله إلا الله فإن الإله عندهم هو الذي يقصد لأجل هذه الأمور ملكا كان أو نبيا أو وليا أو شجرة أو قبرا أو جنيا لا الخالق الرازق المدبر فأنهم يعلمون أن ذلك لله وحده كما مر وإنما يعنون بالإله ما يعني المشركون في زماننا بلفظ " السيد " والمراد من كلمة التوحيد معناها لا مجرد لفظها والكفار الجهال يعلمون أن مراده " ص " بها هو إفراد الله بالتعلق والكفر بما يعبد من دون الله فإنه لما قال لهم قولوا لا إله إلا الله قالوا " اجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب " فالعجب ممن يدعي الإسلام وهو لا يعرف من تفسير هذه الكلمة ما عرفه جهال الكفرة بل يظن أن ذلك هو التلفظ بحروفها من غير اعتقاد القلب لشئ من المعاني والحاذق منهم يظن أن معناها لا يخلق ولا يرزق إلا الله فلا خير في رجل جهال الكفار أعلم منه بلا إله إلا الله. ثم قال: فإذا عرفت أن هذا الذي يسميه المشركون في وقتنا الاعتقاد هو الشرك الذي أنزل فيه القرآن وقاتل رسول الله " ص " الناس عليه فاعلم أن شرك الأولين أخف من شرك أهل وقتنا بأمرين أحدهما أن الأولين لا يشركون إلا في الرخاء وأما في الشدة فيخلصون لله " وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم. أرأيتم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون. وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه إلى قوله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار.
وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين. الثاني: أن الأولين يدعون مع الله أناسا مقربين نبيا أو ملكا ويدعون أشجارا وأحجارا مطيعة ليست عاصية وأهل زماننا يدعون مع الله أناسا من أفسق الناس يحكون عنهم الزنا والسرقة وترك الصلاة وغير ذلك.
وقريب من ذلك ما حكي عن محمود شكري الآلوسي في تاريخ نجد أنه حكاه عن ابن عبد الوهاب ولعله لخصه وانتخبه من مجموع كلماته فإنا لم نجد بهذه العبارات في كتبه المطبوعة.
قال بعد ذكر الآيات الدالة على توحيد الله والرد على المشركين الذين يعبدون مع الله آلهة أخرى والشرك المراد بهذه الآيات ونحوها يدخل فيه شرك عباد القبور وعباد الأنبياء والملائكة والصالحين فإن هذا هو شرك جاهلية العرب الذين بعث فيهم عبد الله