وكان من تلاميذ ابن عبد الوهاب الذي وجهنا إليه الأبيات وكان تقدمه في الوصول إلينا الشيخ الفاضل عبد الرحمن النجدي ووصف لنا من حال ابن عبد الوهاب أشياء أنكرناها عليه من سفك الدماء ونهب الأموال وتجاريه على قتل النفوس ولو بالاغتيال وتكفيره الأمة المحمدية في جميع الأقطار فبقي معنا تردد فيما نقله الشيخ عبد الرحمن حتى وصل الشيخ مربد وله نباهة ومعه بعض رسائل ابن عبد الوهاب التي جمعها في وجه تكفير أهل الإيمان وقتلهم ونهبهم وحقق لنا أحواله وأفعاله فعرفنا أحواله أحوال رجل عرف من الشريعة شطرا ولم يمعن النظر ولا قرأ على من يهديه نهج الهداية ويدله على العلوم النافعة ويفقهه بل طالع بعض مؤلفات ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وقلدهما من غير اتقان مع أنهما يحرمان التقليد " انتهى ".
وهذا يدل على أن محمد بن إسماعيل المذكور رجع عن مغالاته في التوهب ولعل رجوعه كان بعد تأليفه رسالة تطهير الاعتقاد لأن تلك الرسالة لا تقصر عن كتب ابن عبد الوهاب في المغالاة كما ستعرف.
وقد تبع هذا المذهب من بعد ظهوره إلى اليوم بعض من ينسب إلى العلم من أهل السنة من غير النجديين حسنه في نظرهم ظهوره بمظهر ترك البدع مع ما يرونه من كثرة البدع لكن الافراط آفة تفسد أكثر مما تصلح (وكل يدعي وصلا بليلى) والبعض منهم لم يصل في تضليل المسلمين إلى حد التكفير واستحلال الدم والمال كالآلوسي صاحب تاريخ نجد فيما حكي عنه حيث قال بعد ذكر سعود بن عبد العزيز: إنه قاد الجيوش وأذعنت له صناديد العرب ورؤساؤهم بيد أنه منع الناس عن الحج وخرج على السلطان وغالى في تكفير من خالفهم وشدد في بعض الأحكام وحملوا أكثر الأمور على ظواهرها كما غالى الناس في قدحهم، والإنصاف الطريقة الوسطى لا التشديد الذي ذهب إليه علماء نجد وعامتهم من تسمية غاراتهم على المسلمين بالجهاد في سبيل الله ومنعهم الحج، ولا التساهل الذي عليه عامة أهل العراق والشامات وغيرهما من الحلف بغير الله وبناء الأبنية المزخرفة على قبور الصالحين والنذر لهم وغير ذلك مما نهى عنه الشارع، والحاصل إن الافراط والتفريط في الدين ليس مما يليق بشأن المسلمين بل الأحرى بهم اتباع ما عليه السلف الصالح وتكفير بعضهم لبعض مستوجب للمقت والغضب " انتهى ".