* (قل أرأيتم إن كان من عند الله) * فصلت ثم قال * (أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد) * فصلت فشهد سبحانه لرسوله بقوله أن ما جاء به حق ووعد أنه يري العباد من آياته الفعلية الخلقية ما يشهد بذلك أيضا ثم ذكر ما هو أعظم من ذلك كله وأجل وهو شهادته سبحانه بأنه على كل شئ شهيد فان من أسمائه الشهيد الذي لا يغيب عنه شئ ولا يعزب عنه بل هو مطلع على كل شئ مشاهد له عليم بتفاصيله وهذا استدلال بأسمائه وصفاته والأول استدلال بقوله وكلماته واستدلاله بالآيات الافقية والنفسية استدلال بأفعاله ومخلوقاته فان قلت كيف يستدل بأسمائه وصفاته فان الاستدل بذلك لا يعهد في الاصطلاح فالجواب أن الله تعالى قد أودع في الفطرة التي لم تتنجس بالجحود والتعطيل ولا بالتشبيه والتمثيل أنه سبحانه الكامل في أسمائه وصفاته وأنه الموصوف بما وصف به نفسه ووصفه به رسله وما خفي عن الخلق من كماله أعظم وأعظم مما يعرفونه منه ومن كماله المقدس شهادته على كل شئ واطلاعه عليه بحيث لا يغيب عنه ذرة في السماوات ولا في الأرض باطنا وظاهرا ومن هذا شأنه كيف يليق بالعباد أن يشركوا به وأن يعبدوا غيره ويجعلوا معه الها آخر وكيف يليق بكماله أن يقر من يكذب عليه أعظم الكذب ويخبر عنه بخلاف ما الامر عليه ثم ينصره على ذلك ويؤيده ويعلي شأنه ويجيب دعوته ويهلك عدوه ويظهر على دينه من الآيات والبراهين ما يعجز عن مثله قوى البشر وهو مع ذلك كاذب غير مفتر ومعلوم أن شهادته سبحانه على كل شئ وقدرته وحكمته وعزته وكماله المقدس يأبى ذلك ومن جوز ذلك فهو من أبعد الناس عن معرفته
(٩٥)