شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٩١
فهذه شهادة منهم على أنفسهم بما يفعلونه والمقصود أنه سبحانه يشهد بما جعل آياته المخلوقة دالة عليه ودلالتها انما هي بخلقه وجعله وأما مرتبة الامر بذلك والالزام به وأن مجرد الشهادة لا يستلزمه لكن الشهادة في هذا الموضع تدل عليه وتتضمنه فإنه سبحانه شهد به شهادة من حكم به وقضى وامر والزم عباده به كما قال تعالى * (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) * وقال الله تعالى * (لا تتخذوا إلهين اثنين) * وقال تعالى * (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) * * (وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا) * وقال تعالى * (لا تجعل مع الله إلها آخر) * وقال تعالى * (ولا تدع مع الله إلها آخر) * والقرآن كله شاهد بذلك ووجه استلزم شهادته سبحانه لذلك انه إذاشهد انه لا إله إلا هو فقد أخبر وبين وأعلم وحكم وقضى أن ما سواه ليس بإله أو آلهية ما سواه باطلة فلا يستحق العبادة سواه كما لا تصلح الإلهية لغيره وذلك يستلزم الامر باتخاذه وحده الها والنهى عن اتخاذ غيره معه الها وهذا يفهمه المخاطب من هذا النفي والاثبات كما إذا رأيت رجلا يستفتى رجلا أو يستشهده أو يستطبه وهو ليس أهلا لذلك ويدع من هو أهل له فتقول هذا ليس بمفت ولا شاهد ولا طبيب المفتي فلان والشاهد فلان والطبيب فلان فان هذا أمر منه ونهي وأيضا فالآية دلت على أنه وحده المستحق للعبادة فإذا أخبر
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»