شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٠٦
البلد أو قيل له * (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) * النحل ونحو ذلك فهم المخاطب بما أدركه بحسه وان كانت المعاني التي يراد تعريفه بها ليست مما أحسه وشهده بعينه ولا بحيث صار له معقول كلي يتناولها حتى يفهم به المراد بتلك الالفاظ بل هي مما لا يدركه بشئ من حواسه الباطنة والظاهرة فلا بد من تعريفه من طريق القياس والتمثيل والاعتبار بما بينه وبين معقولات الأمور التي شاهدها من التشابه والتناسب وكلما كان التمثيل أقوى كان البيان أحسن والفهم أكمل فالرسول صلوات الله وسلامه عليه لما بين لنا أمورا لم تكن معروفة قبل ذلك وليس في لغتهم لفظ يدل عليها بعينها أتى بألفاظ تناسب معانيها تلك المعاني وجعلها أسماء لها فيكون بينها قدر مشترك كالصلاة والزكاة والصوم والايمان والكفر وكذلك لما أخبرنا بأمور تتعلق بالايمان بالله وباليوم الآخر وهم لم يكونوا يعرفونها قبل ذلك حتى يكون لهم ألفاظ تدل عليها بعينها أخذ من اللغة الالفاظ المناسبة لتلك بما تدل عليه من القدر المشترك بين تلك المعاني الغيبية والمعاني الشهودية التي كانوا يعرفونها وقرن بذلك من الإشارة ونحوها ما يعلم به حقيقة المراد كتعليم الصبي كما قال ربيعة ابن أبي عبد الرحمن الناس في حجور علمائهم كالصبيان في حجور آبائهم وأما ما يخبر به الرسول من الأمور الغائبة فقد يكون مما أدركوا نظيره بحسهم وعقلهم كإخبارهم بأن الريح قد أهلكت عادا فان عادا
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»