شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٨٤
مستلزم أن لا يعبد الا الله فيجعل الأول دليلا على الثاني إذ كانوا يسلمون في الأول وينازعون في الثاني فيبين لهم سبحانه انكم إذا كنتم تعلمون أنه لا خالق الا الله وحده وأنه هو الذي يأتي العباد بما ينفعهم ويدفع عنهم ما يضرهم لا شريك له في ذلك فلم تعبدون غيره وتجعلون معه آلهة أخرى كقوله تعالى * (قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أما يشركون أم من خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون) * أي أإله مع الله فعل هذا وهذا استفهام انكار يتضمن نفى ذلك وهم كانوا مقرين بأنه لم يفعل ذلك غير الله فاحتج عليهم بذلك وليس المعنى أنه استفهام هل مع الله اله كما ظنه بعضهم لان هذا المعنى لا يناسب سياق الكلام والقوم كانوا يجعلون مع الله آلهة أخرى كما قال تعالى * (أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد) * وكانوا يقولون * (أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب) * لكنهم ما كانوا يقولون إن معه الها * (جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا) * بل هم مقرون بأن الله وحده فعل هذا وهكذا سائر الآيات وكذلك قوله تعالى * (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون) * وكذلك قوله في سورة الأنعام * (قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به) * وأمثال ذلك وإذا كان توحيد الربوبية الذي يجعله هؤلاء النظار ومن
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»