شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٩٠
فأما مرتبة العلم فان الشهادة تضمنتها ضرورة والا كان الشاهد شاهدا بما لا علم له به قال تعالى * (إلا من شهد بالحق وهم يعلمون) * وقال صلى الله عليه وسلم على مثلها فاشهد وأشار إلى الشمس وأما مرتبة التكلم والخبر فقال تعالى * (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون) * فجعل ذلك منهم شهادة وان لم يتلفظوا بلفظ الشهادة ولم يؤدوها عند غيرهم وأما مرتبة الإعلام والاخبار فنوعان اعلام بالقول واعلام بالفعل وهذا شأن كل معلم لغيره بأمر تارة يعلمه به بقوله وتارة بفعله ولهذا كان من جعل داره مسجدا وفتح بابها وأفرزها بطريقها وأذن للناس بالدخول والصلاة فيها معلما أنها وقف وان لم يتلفظ به وكذلك من وجد متقربا إلى غيره بأنواع المسار يكون معلما له ولغيره أنه يحبه وان لم يتلفظ بقوله وكذلك بالعكس وكذلك شهادة الرب عز وجل وبيانه واعلامه يكون بقوله تارة وبفعله أخرى فالقول ما ارسل به رسله وانزل به كتبه وأما بيانه واعلامه بفعله فكما قال ابن كيسان شهد الله بتدبيره العجيب وأموره المحكمة عند خلقه أنه لا إله إلا هو وقال آخر * وفي كل شئ له آية * تدل على أنه واحد * ومما يدل على أن الشهادة تكون بالفعل قوله تعالى * (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر) *
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»